شهدت القضية الفلسطينية تحولاً نوعياً خلال الساعات الأخيرة، بعدما أعلنت بريطانيا وأستراليا وكندا اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، في خطوة وصفتها السلطة الفلسطينية بـ"اليوم التاريخي"، واعتبرتها أوساط عربية ودولية لحظة فارقة تجمع بين السياسة والعدالة، على وقع مأساة غزة وتوسع الاستيطان في الضفة.
إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مثّل نقطة الانطلاق، إذ شدد على أن "الأمل في حل الدولتين يتلاشى، ومن الضروري عدم السماح بانطفاء هذا الضوء الأخير". واعتُبر الموقف البريطاني ذا وزن سياسي ومعنوي خاص، باعتبار لندن صاحبة الدور التاريخي في القضية منذ وعد بلفور.
لاحقاً، تبعت أستراليا وكندا لندن. الحكومة الأسترالية أكدت دعمها لحل الدولتين مع رفض أي دور لحركة حماس في مستقبل فلسطين، فيما اتهمت كندا الحكومة الإسرائيلية صراحةً بأنها العائق أمام قيام الدولة الفلسطينية، معتبرة الاعتراف خطوة نحو بناء مستقبل سلمي.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس رحّب بالاعترافات، معتبراً أنها بداية لتحقيق سلام عادل ودائم، فيما ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتأكيد رفضه قيام الدولة الفلسطينية، معلناً استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، في موازاة دعوات من وزرائه لفرض السيادة الكاملة على الضفة وسحق السلطة الفلسطينية.
يأتي هذا التطور بينما تتحضر نيويورك لاحتضان مؤتمر حول حل الدولتين برعاية فرنسية-سعودية، في وقت يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستباق الموجة بعقد قمة كبرى يطرح خلالها رؤيته للسلام.
تصريحات لافتة من عضو البرلمان البريطاني السابقة شارلوت ليزلي أكدت أن "اللعبة تغيرت"، وأن الاعتراف الغربي بفلسطين هو نتيجة مباشرة لسياسات نتنياهو الأخيرة، معتبرة أن الاعتراف بداية مرحلة جديدة من المساءلة، قد تتطور نحو فرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي.
وبينما تضع هذه الاعترافات إسرائيل أمام عزلة دولية متنامية، يجد ترامب نفسه أمام خيار صعب: إما الانحياز الكامل إلى نتنياهو، أو محاولة استثمار اللحظة لإعادة تقديم نفسه كوسيط سلام عالمي.
تعود أهمية الخطوة إلى كونها تأتي بعد عقود من مراوحة في مسار حل الدولتين، وتزامناً مع ضغوط شعبية متزايدة في الغرب ضد السياسات الإسرائيلية. الاعترافات الغربية المتتالية تفتح الباب أمام نقلة نوعية في التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية، وربما بداية إعادة رسم التوازنات في الشرق الأوسط.