وفي هذا السياق، أكدت رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات، المحامية أنديرا الزهيري، في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، على "ضرورة احترام القوانين وتطبيقها بشكل جدي من أجل انتظام العمل التشريعي وصون أمانته"، معتبرة أن "لبنان دخل فعليًا في مرحلة انتقالية جديدة تمهّد لإنهاء عقود الإيجارات القديمة الاستثنائية الممدّدة قسرًا".
وشدّدت الزهيري على أن "المطلوب من المواطنين هو الالتزام بالقانون والسعي إلى تطبيقه"، لافتة إلى أنه "كان من الأفضل، من الناحيتين الدستورية والقانونية، تحرير تلك العقود فورًا وتطبيق أحكام قانون الموجبات والعقود".
وتوقفت عند التعديل الذي طرأ على قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، مشيرة إلى أن "القانون رقم 11/2025 تم تعديله بموجب القانون رقم 24/2025، الصادر بتاريخ 21/8/2025، والذي ألغى مواد أساسية، أبرزها حق المالك بالتنازل عن الزيادات، واستعادة المأجور بعد سنتين، كما خفّض بدل المثل من 8% إلى 5%، ورفع مدة التمديد من 2-4 سنوات إلى 5-8 سنوات، لتصبح بذلك المدة القصوى لتحرير تلك العقود".
وأضافت أن "القانون التعديلي رقم 24/2025 نشر فقط المواد المعدّلة، ما يعني أن القانون الأساسي رقم 11/2025 لا يزال ساريًا بكل مواده الأخرى، ما لم تتعارض مع التعديلات الجديدة".
ما هي العقود المشمولة بالتعديل؟
توضح الزهيري أن "العقود المشمولة بهذا القانون هي تلك المبرمة قبل 23/7/1992، وتشمل جميع الأماكن غير السكنية التي يُمارَس فيها نشاط تجاري، صناعي، أو مهني، بما في ذلك المحلات، المطاعم، المكاتب، الصيدليات، العيادات، الفنادق، المصانع، الشركات، الورش، الحرف، المصارف، الإدارات الرسمية، النقابات، البلديات، المستشفيات، والثكنات".
كيف تُحدّد بدلات الإيجار؟
تقول الزهيري إن "بدلات الإيجار تختلف بحسب الموقع، المساحة، وحالة البناء، ويتم احتسابها على أساس 5% من القيمة البيعية للعقار كما لو كان خاليًا".
ويتم تحديد هذه البدلات عبر ثلاث طرق:
1-اتفاق رضائي بين المؤجر والمستأجر؛
2-عريضة مشتركة أمام المحكمة موقعة من الطرفين ومرفقة بتقرير خبير؛
3-استحضار دعوى أمام القاضي المنفرد المدني المختص، في حال عدم التوصل لاتفاق.
الفئات الأربع ومدة التمديد:
وفق التعديل، قُسّمت حالات الإيجار إلى 4 فئات:
-الفئة الأولى: عقد عادي دون خلو – التمديد 5 سنوات.
-الفئة الثانية: خلو دُفع قبل 2015 – التمديد 6 سنوات (مع إثبات الدفع).
-الفئة الثالثة: خلو دُفع بعد 2015 – التمديد 7 سنوات (مع إثبات الدفع).
-الفئة الرابعة: مستأجرون من القطاع العام أو أصحاب مهن حرة منظمة بقانون، أو إذا تجاوزت مساحة المأجور 500م² – التمديد 8 سنوات.
آلية الزيادات السنوية التدريجية:
للفئتين 1 و2 (5 و6 سنوات):
-السنة الأولى: زيادة 30% من فارق البدل
-الثانية: 40%
-الثالثة: 50%
-الرابعة وما بعدها: 100% من بدل المثل
للفئتين 3 و4 (7 و8 سنوات):
-السنة الأولى: 30%
-الثانية: 40%
-الثالثة: 50%
-الرابعة: 60%
-الخامسة وما بعدها: 100%
مثال تطبيقي:
إذا كانت القيمة البيعية لمأجور غير سكني 300,000 دولار، فإن بدل المثل السنوي = 5% × 300,000 = 15,000 دولار.
وإذا كان بدل الإيجار القديم هو 1,000 دولار، فالفارق هو 14,000 دولار.
السنة الأولى (30%): 14,000 × 30% = 4,200 + 1,000 = 5,200 دولار
السنة الثانية (40%): 14,000 × 40% = 5,600 + 1,000 = 6,600 دولار
السنة الثالثة (50%): 14,000 × 50% = 7,000 + 1,000 = 8,000 دولار
السنة الرابعة وما بعدها: بدل المثل الكامل = 15,000 دولار سنويًا
(وفقًا للمادة 6/أ من قانون الإيجارات، وفي حال تطبيق المادة 6/ب، تمتد السنوات إلى 8)
متى يحق للمالك استرداد المأجور قبل نهاية المدة؟
يمكن للمالك تقديم طلب استرداد العقار في الحالات التالية، مقابل تعويض لا يتعدى 15% من القيمة البيعية:
-التوسّع في مستشفى، مؤسسة تعليمية أو خيرية
-الهدم وإعادة البناء وفق الشروط القانونية
حالات سقوط حق التمديد القانوني:
1-عدم دفع البدل خلال شهرين من التبليغ
2-الامتناع عن الدفع لثلاث مرات متتالية
3-سوء استعمال العقار أو تغيير وجهة الاستعمال دون إذن
4-التأجير الجزئي أو الكلي دون موافقة خطية
5-ترك العقار لمدة سنة دون إشغال فعلي
6-في حال الإشغال الصوري أو غير الجدي، خصوصًا من غير اللبنانيين.
إحياء الوجه الحضاري... لا فقط القانوني
وشددت الزهيري على "أهمية احترام القانون وتطبيقه من قِبل الجميع، خاصة أننا في مرحلة الخروج من القوانين الاستثنائية"، معتبرة أن "الحلول الودية تبقى الأفضل للطرفين، المالك والمستأجر، لتجنّب النزاعات، التكاليف، وهدر الوقت، وإعادة التوازن المطلوب في العلاقة الإيجارية".
كما أكّدت أن "تطبيق هذا القانون سيساهم في تحفيز صيانة المباني القديمة وتدعيمها، ويشكّل خطوة مهمة للحد من انهيار الأبنية المهترئة، التي تزايد عددها بشكل مقلق في السنوات الأخيرة، إلى جانب الحفاظ على الطابع الحضاري والتراثي لعدد من الأبنية التي يمكن أن تُسهم في تعزيز السياحة التراثية والإنمائية".