أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية مستشار رئيس الوزراء ماجد الأنصاري أن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعات مسؤولين فلسطينيين في الدوحة في 9 أيلول الأخير تركت "أثرًا عميقًا" في قطر والمنطقة، وغيّرت نظرة دول مجلس التعاون الخليجي إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن آثارها تجاوزت حدود الخليج ووضعت ملف العلاقة مع تل أبيب في محور نقاش شامل قبل قمة مجلس التعاون مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال الأنصاري، في مقابلة نقلتها مجلة "نيوزويك"، إن الضربة شكّلت "لحظة غيرت المجتمع القطري إلى الأبد"، وأضاف: "لأول مرة في تاريخنا يقتل أحد مواطنينا جراء غارة جوية على بلدنا. الغارة لم تكن مبررة… أتت نتيجة مباشرة لاختيار قطر أن تكون فاعلاً من أجل السلام". ولفت إلى أن الدوحة ستبحث مع واشنطن "التهديد الجديد" الذي تمثّله إسرائيل في المنطقة، داعياً إلى ضمانات تُعيد الثقة بعمل الوساطات.
وحذّر الأنصاري من أن الهجوم ألقى بظلاله على دور الوساطة القطرية في محادثات وقف إطلاق النار وملف تبادل الرهائن، متسائلاً: "ما جدوى المحادثات إذا كانت الدولة المضيفة معرضة للتصفية؟ كيف يمكن أن يُطلب من طرف أن يعود إلى طاولة مفاوضات بعد أن تُقصف أرض الاستضافة ويُستهدف من يدرس المقترح؟" وأضاف أن الضربة "قوضت الثقة في الموقف الإسرائيلي" وطرحت تساؤلات جدّية حول فاعلية وآلية الحوار لاحقاً.
وأشار المسؤول القطري إلى أن الضربة لم تغيّر فقط مشاعر المجتمع القطري، بل أعادت تشكيل تصور دول الخليج تجاه تل أبيب، إذ بدا أن دول المجلس للنظر في طبيعة التهديد الإسرائيلي للمرة الأولى في تاريخها، بما يشمل البحرين والكويت وعمان والسعودية والإمارات.
وأضاف أن مجلس التعاون سيناقش مع الرئيس ترامب، ضمن قمة مقبلة، "إدراك هذا التهديد الجديد وكيف ينبغي أن تكون علاقة دول المجلس مع الولايات المتحدة في ظل هذا التحدّي".
وتطرّق الأنصاري إلى الفروق في مواقف الأطراف بعد هجمات إقليمية سابقة قائلاً إن الإيرانيين اعتذروا رسمياً عن ضربة طالت قاعدة العديد في يونيو، وقدموا ضمانات بعدم التكرار، بينما إسرائيل «تتباهى» بعملياتها وتترك الباب مفتوحاً لعمليات مستقبلية، بحسب تعبيره.
ورغم كل ما حصل، شدّد الأنصاري على أن لا بديل عن المسار الدبلوماسي لحل الأزمة، قائلاً إن إسرائيل لن تحقق نصراً عسكرياً منفرداً، وأن السبيل للخروج من التصعيد يكمن في العمل مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، لضمان أمن شعوب المنطقة ومحاسبة من يخرق سيادة الدول.
وتثير الضربة، التي استهدفت اجتماعاً لقادة حماس في الدوحة، تساؤلات واسعة حول مستقبل الوساطة القطرية، وفاعلية الضمانات الدولية لحماية الدول المستضيفة للمفاوضات، وتعيد ملف التوازنات الإقليمية إلى الواجهة مع احتمال أن تؤثر على قرارات سياسية وأمنية في قمة خليجية رفيعة المستوى قادمة.