فرغم الحملة الضخمة التي تقوم بها فروع هذا الحزب، كما الدعوات —على ركاكتها— التي يطلقها مسؤولو الانتشار فيه، وحتى رغم ظهور رئيس الحزب سمير جعجع مؤخرًا عبر مواقع التواصل ليشحذ الهمم ويرفع المعنويات، إلا أن الفتور وعدم الاكتراث لا يزالان يطفوان على سطح المشهد القواتي العام.
وفي محاولة للوقوف على أسباب ما يحصل، يتبيّن أن الصدام الحاصل في أميركا بين حاملي البطاقات القواتية لم يجد لطريقه حلولًا بعد مرور سنتين على بدايته، بحيث أصبح كل فريق يتمسّك بوجهة نظره أكثر، ويكابر ويتغطرس ويرفع كتفيه، وكأنه يواجه العدو بذاته على حدود لبنان. فضربوا المناقبية وحطّموا العقيدة وسطّحوا التنظيرات الرنّانة عن الانضباط وقول الحقيقة وعند الخطر، وحيث لا يجرؤ أحد، كل ذلك في ظلّ ضعفٍ مُخزٍ للقيادة الاغترابية وعدم قدرتها على الولوج في أزمة كهذه.
أمّا آخر إفرازات هذه الخلافات فهو ما حصل منذ أيام قليلة في كاتدرائية سيّدة لبنان في لوس أنجلوس، حيث تمرّدت إحدى الحزبيات في القوات على قرارات الكنيسة، وتحدّت راعي الأبرشية في عقر كنيسته، مدفوعة بتلك الفوقية التي تملأ نفسها كنتيجة طبيعية لهشاشة قيادتها وعجزها عن لجم المنتسبين إليها عندما يشطحون، فيأخذون هم المبادرة بأنفسهم… ويسقطون.
بالعودة إلى قضية تسجيل المغتربين، فقد بات واضحًا لأي متابع أنه بالإضافة إلى الحالة الرمادية التي يعيشها اللبناني بفعل عدم وضوح قرارات الحكومة بشأن الدائرة 16، والإشاعات الكثيرة حول عودة الحرب الإسرائيلية قريبًا على لبنان، كما الهذيان والقرف اللذان يجتاحان العائلات اللبنانية بفعل خيبات الأمل التي يعيشونها مع نوابهم وأحزابهم الذين أثبتوا في أحسن الأحوال أنهم أحزاب شرقية، ذات جذور ميليشياوية، تُؤلّه زعيمها وتُبقيه فوق رأسها حتى آخر يوم من عمره؛ كل هذه العوامل، معطوفة على عامل الخلافات الحزبية العميقة، جعلت اللبنانيين ينفرون من كل ما يمتّ لدولتهم وأحزابهم بصلة، فيمتنعون عن الولوج إلى مواقع التسجيل، مع بقاء أيام معدودة لانتهاء المدة القانونية تحضيرًا للمعركة الانتخابية القادمة.