في 20 أيلول 2025، جرى الكشف عن تسجيل صوتي لمحادثة عُقدت خلال الحرب (في تاريخ غير محدد) بين الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي تم اغتياله في 27 أيلول 2024، وإبراهيم عقيل، عضو المجلس الجهادي ورئيس العمليات في الحزب والمسؤول عن وحدة "الرضوان"، الذي اغتيل في 20 أيلول 2024.
ويُسمع في التسجيل، نقاش بين نصرالله وعقيل حول أسلوب القتال المعتمد ضد إسرائيل، حيث بدا عقيل حذراً في حديثه مع نصرالله وإن اتسم كلامه بنبرة متوترة. ومن خلال ما ورد في الحوار، يتضح أنّ عقيل كان يدفع باتجاه تنفيذ عملية نوعية عبر قوة عضوية من الحزب تقوم بالتوغل البري داخل الأراضي الإسرائيلية لاستهداف موقع محدد، في محاولة لتغيير النمط القتالي الذي اعتمده نصرالله والقائم على استخدام النيران والعمليات البعيدة المدى مثل القنص والصواريخ والطائرات المسيّرة.
وخلال حديثه، قال عقيل إنّ طبيعة عمل الجيش الإسرائيلي تغيّرت، وإنّ أسلوب المواجهة يجب أن يتحدد وفق تحركات العدو. وأوضح أنّ "الهجوم الخاطف" عبر التوغل والانسحاب السريع بات خياراً مطروحاً، داعياً إلى وضع قواعد وتعليمات واضحة للمقاتلين في حال خوض معركة غير متكافئة، حيث يواجه عنصر واحد قوة بحجم كتيبة إسرائيلية.
أما نصرالله، فاعتبر أنّ وضع "نماذج قتالية ثابتة" ليس منطقياً ولا ممكناً في المرحلة الراهنة، مقترحاً الاكتفاء بإعطاء التعليمات العامة للقيادة الميدانية لتتصرف وفق الظروف خلال القتال.
ويُفهم من مضمون التسجيل أنّ إبراهيم عقيل كان يعارض توجه نصرالله منذ اندلاع المواجهات في تشرين الأول 2023، إذ رفض الاكتفاء بنصف حرب، داعياً إلى عمليات توغل برية في الجليل. وقد ظلّ على موقفه هذا حتى مقتله مع 14 من كبار قادة وحدة الرضوان في 20 أيلول 2024 خلال اجتماع في الطابق السفلي من مبنى مؤلف من سبعة طوابق في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأعلن في حينه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أنّ هؤلاء القادة "كانوا يخططون لغزو الجليل ولتنفيذ عمليات قتل وخطف ضد مدنيين وجنود إسرائيليين".
ولم يكن حضور القادة في ذلك الاجتماع صدفة، إذ تواجد مع عقيل القائد الفعلي لوحدة الرضوان أحمد محمود وهبي الملقب بـ"أبو حسين سمير" إلى جانب خمسة من قادة القطاعات الستة، ما يرجح أنّ الاجتماع كان مخصصاً للبحث في عمليات توغل داخل الأراضي الإسرائيلية ضد أهداف مدنية أو عسكرية.
ويُعتقد أن عقيل لم يكن يطرح اجتياحاً واسعاً بل عملية نوعية محدودة النطاق ضد أهداف بعينها، خصوصاً وأن الحزب قد يكون فقد في حينه القدرة العملانية على تنفيذ غزو شامل للجليل.
ويأتي نشر هذا التسجيل ضمن حملة الذكرى التي أطلقها "حزب الله" في 16 أيلول 2025 لإحياء أحداث أيلول 2024، من تفجير أجهزة النداء والاتصالات إلى اغتيال قياداته البارزة. وتتصاعد الحملة في 25 أيلول مع انطلاق فعاليات الذكرى الأولى لاغتيال السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، لتختتم في 12 تشرين الأول بمسيرة كبرى ينظمها كشافة الحزب في بيروت.
ويكشف هذا التسجيل، الذي يعود إلى فترة ما بين تشرين الأول 2023 وأيلول 2024، جانباً من النقاشات وربما الخلافات التي سادت داخل قيادة "حزب الله" حول أسلوب إدارة الحرب مع إسرائيل.