ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران الياس عودة، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس – بيروت، حيث ألقى عظة مطوّلة تمحورت حول دعوة المسيح إلى "الإبحار إلى العمق" كمسيرة ثقة وإيمان، وربطها بواقع الكنيسة والوطن.
وقال عودة إن "المقطع الإنجيلي يرسم لوحة روحية عميقة، إذ يكشف الرب دعوته للإنسان ويعلمنا معنى الطاعة لكلمته"، مؤكداً أن كلمة المسيح قادرة على "تحويل العدم إلى امتلاء"، كما حصل مع التلاميذ الذين تعبوا ليلاً دون جدوى حتى أطاعوا أمر الرب.
وأضاف: "الإيمان المسيحي لا يقوم على البرهان الحسي، بل على الثقة بمن هو الطريق والحق والحياة، كما أن طاعة بطرس بكلمة يسوع كانت دخولاً في مدرسة جديدة من الثقة والتسليم". وأوضح أن "فيض النعمة الإلهية يتخطى دائماً حسابات البشر، وأن الكنيسة تصطاد إلى الحياة لا إلى الموت، فهي سفينة الخلاص التي تجمع البشر من كل الأمم".
وشدد على أن "اللقاء الحق مع الله يكشف ضعف الإنسان أمام ذاته، لكن ذلك لا يزرع اليأس، بل يفتح القلب على الغفران"، مشيراً إلى أن المسيح "لم يرفض بطرس بسبب خطاياه، بل دعاه ليكون صياداً للناس". ورأى أن "الله لا يختار الكاملين، بل الضعفاء ليجعلهم شهوداً لقوته".
ولفت المطران عودة إلى أن "الدخول إلى العمق لا يعني لحظات إضافية للعبادة فحسب، بل تحويل الحياة كلها إلى بحث دائم عن وجه الله"، داعياً كل إنسان – أكان في بيته أو عمله – إلى القيام بواجباته "على كلمة المسيح"، أي بالأمانة والثقة، لتصبح جهوده شهادة حيّة لنعمة الله.
وأشار إلى أن "الكنيسة ليست مسرحاً لعمل الله المنعزل، بل جسداً يشارك فيه كل عضو بموهبته"، معتبراً أن "الأمل باقٍ لأن المسيح حاضر في وسطها، وسفينته لن تغرق مهما قست الظروف".
وختم المطران عظة الأحد بربط الدعوة الروحية بالواقع اللبناني قائلاً:
"نحن مدعوون أن نثبت في حب وطننا ونصون دستوره وهيبته وسلطته، وأن نبتعد عن التعصب والتطرف والتبعية والتحريض. اللبنانيون مدعوون أن يكونوا لبنانيين قبل أن يكونوا من طائفة أو حزب، وأن يعيشوا معاً في ظل دولة قوية وعادلة. فإذا ثبتنا على الأمانة لوطننا والرجاء بالرب، سيمد يده لينتشلنا من الغرق، ويملأ شباكنا بالنعم كما فعل مع بطرس والصيادين".
الـــمــــزيــــــــــد
