المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 01 تشرين الأول 2025 - 07:22 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

البحث جارٍ عن “انتحاري” مجلس النواب

البحث جارٍ عن “انتحاري” مجلس النواب

"ليبانون ديبايت"-عبدالله قمح


المسرحية التي جرت أمس والذي سبقه في مجلس النواب مكرّرة، ولا تخدم سوى نظرية واحدة أو تكشف عن هدف واحد: لا أحد مستعد لإجراء الانتخابات النيابية في ربيع عام 2026.

هناك جملة من الحسابات تتداخل بين ما هو داخلي وما هو إقليمي. وفي مستهل دخول البلاد في حفلة تغييرية شاملة -أو هكذا يُنظر إلى ما يدور اليوم- وفي وقت لا نزال عالقين في آتون سياسي غير واضح المعالم بعد، تصبح الأمور مجمّدة بانتظار بروز تطور "نوعي" يستفيد منه طرف من الأطراف، ويُساق الطرف الآخر إليه مجروراً.


بين عامي 2013 و 2014، حين مدّد مجلس النواب لنفسه مرتين متتاليتين، كان الجو مؤهلاً كما الظرف السياسي الداخلي والإقليمي. يومها، كانت المنطقة تعيش تداعيات “الربيع العربي” وانعكاسات حالات التغيير والفوضى التي دخلت من بوابة سوريا. وكان يفترض أن يكون لبنان في عمق الأحداث، ليس من باب التغيير، بل من زاوية التأثر. لذلك كان الخيار، ولو من دون اعتراف صريح، ميّالاً إلى تفضيل تأجيل الانتخابات وبالتالي التمديد لمجلس النواب لدورات عدة، لذرائع شتى من بينها الوضع الأمني قانون الانتخاب. أما السبب الأساس فكانت إنضاج الظروف.


اليوم، تتكرر الظروف تقريباً حيث أننا نعيش فوق بركان وفي محيط ملتهب تتنازعه أحلام "إسرائيل الكبرى". فجميع القوى السياسية العالقة في آتون النزاع الداخلي، والتي تولدت لديها مخاوف من احتمال انعدام فرص الفوز بشكل مريح والتي يعيش بعضها هاجس التغيير، تجد أن ظروفها غير مكتملة بعد. لذلك تأمل في تأجيل الانتخابات لبعض الوقت فيما أخصامها يشاطرونها الرأي لكن من زاوية مختلفة.


في العمق لا أجواء انتخابية تذكر. حتى المرشحون المفترضون من خارج النادي التقليدي، الذين ينشطون عادة قبل الاستحقاق بأشهر، لاذو عن الساحة، ولسان حالهم التريث حتى تتضح الظروف وما إذا كانت هناك نية جدية لإجراء الانتخابات.


عملياً، يتشارك الجميع هدف تأجيل الانتخابات لعام أو عامين وربما أكثر. بعيداً عن التصريحات الإعلامية، تكشف المجالس الداخلية أجواء تدفع في هذا الإتجاه.


وقبل أكثر من أسبوعين، صودف أن إلتقيت في مناسبة اجتماعية نواباً مقرّبين من إحدى المرجعيات السياسية. أحدهم كشف مضمون “مقترح” وصل “من مكان ما – داخلي”، لـ"فحص" نية المرجعية في تأجيل الانتخابات. وبحسب النائب، تضمن الإقتراح تأجيل الاستحقاق لعام واحد إستناداً إلى الوضع العام الغير المتزن، خصوصاً في الجنوب في ظل التهديدات الإسرائيلية، لكن المرجع فاجأ الجميع باقتراح تأجيل دورة كاملة، أي 4 أعوام!


قد يكون المرجع أراد من مقترحه دفن "الفكرة" في مهدها، عبر الالتفاف الذكي على المقترح الأصلي، خاصة أنه رصد وجود نيات واضحة بجعل مجلس النواب المقبل هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية.


بعيداً عن الداخل، وفي حال التوجه إقليمياً، يمكن ملاحظة وجود وجهة نظر غربية – عربية تخدم فكرة تأجيل الإنتخابات. فقبل مدة وجيزة، نقل مصدر دبلوماسي غربي أولوية تحسين الوضع السياسي الداخلي وتحقيق الإصلاحات وحصر السلاح، ما فهم على أن تلك الاولويات تتفوق على الإنتخابات.


نوعاً ما هذا مفهوم. فالاميركيون والاوروبيون ومعهم العرب، أولويتهم الحالية دعم الحكومة في جهود إضعاف وتقويض حضور حزب الله والوصول إلى حصر السلاح. ودون أدنى شك، يتفق هؤلاء على أن حكومة نواف سلام أفضل مجال للاستثمار السياسي وإحداث التغيير المنشود في التوازنات اللبنانية. من هذا المنطلق، يصبح من الجنون أن يكونوا داعمين إجراء الإنتخابات وجعل الحكومة الحالية -المهمة للغاية بالنسبة إليهم- حكومة مستقيلة، مع ما ينجم عن ذلك من تجميد للمسار الذي بدأ منذ ما بعد إنتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون.


داخلياً، البعض يتقاسم النظرة الخارجية. ويمكن إختصار مجموعة القوى التي قد تكون ذات فائدة من تأجيل الانتخابات، كل من وجهة نظره:


• القوات اللبنانية التي تمتلك كتلة من 19 نائباً والمصرّة إنكار رغبتها التأجيل، ترى في العمق أن التأجيل قد يكون مفيداً، خاصة في حال لمست مخاطر حول "تطيير" إقتراع المتغربين، ما سيزيل التأثير النسبي عن 128 مقعداً. من جهة أخرى، لا تخفي معراب عملها على رفع رصيدها النيابي إلى ما يربو عن 21 نائباً في محاولة واضحة لـ"إمساك" الوضع السياسي المسيحي. ولو أنها لا تعترف، لكنها بدأت تعاني من مزاحمة حقيقية سواء من جانب التيار الوطني الحر أو حتى المقربين من بعبدا. وبالتالي، وفيما لو سقطت خطة القوات في تعزيز حضورها وإنحسار نوابها على 19 وما دون، من المنطقي أن تصنف خاسرة.


• التيار الوطني الحر، والأخير الخارج (أو الذي أخرج من رحم السلطة) يعد مستفيداً على نحوٍ واضح من كل الذي يجري الآن، لاسيما وأنه يعتبر بمثابة إنعاش سياسي له، لاسيما في ظل ما يعتبره "السقوط المدوي" لخطاب القوات اللبنانية "الاصلاحي" مسيحياً والذي قام على ظهره.


• تيار المستقبل، المحاصر بالفيتو السعودي، يفضّل التأجيل كفسحة لإعادة شدّ بيئته قبل أي استحقاق، خاصة وأنه يعتبر الإستحقاق الحالي مصيري بالنسبة إليه وعدم خوضه يعني مهلكته!


• الثنائي الشيعي، رغم إصراره العلني على إنجاز الانتخابات، لا يمانع التأجيل إذا اتُّفق وطنياً عليه. وليس خافياً أن ذلك يمنحه وقتاً إضافياً لإنعاش بيئته وإعادة ترتيب أولوياته في ظل الظروف الأمنية والاجتماعية الضاغطة عليه وعلى أولوياته المتمثلة في التعافي والعلاج.


• قوى التغيير التي دخلت المجلس على أكتاف 17 تشرين وأصوات المغتربين، تواجه اليوم انقلاب قواعدها عليها، فيما عادت كثير من تلك القواعد لتتأثر بالأحزاب التقليدية. لذلك قد تجد في التأجيل فرصة للهروب من هزيمة شبه مؤكدة.


عام 2013، تقدم النائب الراحل نقولا فتوش باقتراح قانون معجّل مكرّر لتمديد ولاية المجلس الذي إنتخب عام 2009 بصورة حتى 20 حزيران 2015. بعدها بعام (2014)، قدّم اقتراحاً ثانياً إستغله النواب للتمديد لانفسهم مرة ثانية ولمدة سنتين وسبعة أشهر. اليوم تبحث القوى السياسية عمن يمتلك “جرأة فتوش” ليتحول إلى “انتحاري” يتقدم باقتراح التمديد عنها، فتعلّق مصائبها على شماعته وتنزل عن الشجرة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة