منذ تولّيه وزارة الأشغال العامة والنقل، أطلق الوزير فايز رسامني ورشة عمل متكاملة رسم من خلالها خارطة طريق للنهوض بقطاع النقل والمرافئ والمطارات، مدركًا حجم التحديات في بلد يرزح تحت أزمات اقتصادية ومالية وسياسية وأمنية متشابكة. ورغم صعوبة المهمة، يؤكّد رسامني أنّ الإرادة والإصرار قادران على تحويل الصعب إلى ممكن.
في صدارة أولويات الوزير ملفّ توسعة مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، حيث يستوعب اليوم ما يقارب 8 ملايين مسافر سنويًا في حين أنّ قدرته التشغيلية أقل من ذلك. ومع ذلك، صمد المطار وتكيّف مع الواقع، حتى سجّل أرقامًا قياسية في حركة الصيف الماضي. هذا الواقع فرض التسريع بخطة التطوير، التي تهدف إلى رفع القدرة الاستيعابية إلى أكثر من 16 مليون مسافر في المرحلة الأولى، ثم إلى 20 مليونًا لاحقًا. وتشمل الخطة تحسين المرافق، تحديث صالات كبار الشخصيات، إنشاء مسارات مرور سريعة، وتجديد المرافق الصحية، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية. وقد تمّ بالفعل تشغيل 30 بوابة إلكترونية بتمويل دولي لتسريع إجراءات السفر، وتأهيل الطريق المؤدي إلى المطار بإنارة حديثة، إلى جانب إعادة تفعيل مركز سلامة الطيران وإطلاق برامج تدريبية للمراقبين الجويين.
أما على مستوى الشمال، فإنّ مشروع تشغيل مطار القليعات (مطار الرئيس رينيه معوّض) يمثّل أولوية موازية. فقد تمّ تسليم الملف إلى الهيئة الناظمة للطيران المدني التي باشرت مراجعة الدراسة الأولية التي أعدّتها دار الهندسة مجانًا، وتشمل المخطّط التوجيهي ودراسة الجدوى ودفتر الشروط. الوزير رسامني وعد بالوصول إلى مرحلة التلزيم في الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل، على أن تحدّد الهيئة الكلفة وتؤمّن المستثمرين.
في موازاة ذلك، أطلق رسامني مشروع "لبنان على السكة"، وهو أكبر ورشة وطنية لصيانة وتأهيل الطرقات والجسور والأنفاق على مدى خمس سنوات، يشمل 3,000 كيلومتر من أعمال الصيانة و500 كيلومتر من إعادة التأهيل والتزفيت في مختلف المحافظات. وقد أنجزت حتى الآن أعمال محورية على عدة طرق رئيسية من الشمال إلى البقاع والجنوب، مع إعطاء أهمية خاصة لصيانة الأنفاق وتحديث إنارتها.
وعلى صعيد المرافئ، وضع الوزير خارطة طريق لإصلاح شامل تشمل لجنة إدارية مؤقتة لمرفأ بيروت وإعداد استراتيجية بحرية وطنية تقوم على إنشاء هيئة ناظمة مستقلة. كما بدأ العمل بتجهيز المرافئ بأجهزة سكانر حديثة لفحص الحاويات، بما يعزز الشفافية ويحدّ من التهريب. كذلك يتم تفعيل دور مرافئ صيدا وصور كمرافئ رديفة، فيما يتعزّز موقع مرفأ طرابلس كمركز تجاري ولوجستي للشمال.
وفي ملف النقل المشترك، يجري تنفيذ خطة لتوسيع الشبكة التي تضمّ حاليًا 11 خطًا تعمل عبر 93 حافلة وتستخدم يوميًا من قبل 6,000 راكب تقريبًا. وتستعد الوزارة لإدخال أكثر من 130 حافلة جديدة عبر هبات، بما يتيح توسيع الخدمة إلى مناطق إضافية.
بهذا المسار المتكامل، يسعى الوزير رسامني إلى معالجة ملفات متراكمة وحيوية في قطاع النقل والمرافئ والمطارات، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: تحويل التحديات إلى فرص، وترسيخ البنية التحتية كشرط أساسي للنهوض الاقتصادي.