في هذا الإطار، يرى الصحافي والكاتب السياسي جورج علم، في حديثٍ، لـ"ليبانون ديبايت"، أنه "لا شك أنّ لبنان يعيش مرحلة شديدة الحساسية، إذ يتعرّض يوميًا لاعتداءات وتصعيدات إسرائيلية متواصلة، بالتوازي مع الحرب المدمّرة في غزة، ويُطرح في هذا السياق تساؤل أساسي إذا ما نجحت الخطة الأميركية لوقف الحرب في غزة، فهل ينعكس ذلك إيجابًا على لبنان، أم أنّ الأجندة الإسرائيلية ستبقى ماضية في استهدافه بغضّ النظر عن التطورات في القطاع؟".
ويشير إلى أنه "في حال قبول حركة حماس بهذه الخطة، فإنّ بنودها تبدو في جوهرها أقرب إلى ما تسعى إليه إسرائيل والقوى المتطرّفة فيها، التي تطمح إلى السيطرة الكاملة على غزة ومستقبلها، وبالتالي، حتى لو نجحت هذه المبادرة، فإنّ انعكاساتها على لبنان لن تكون بالضرورة إيجابية، فهناك أجندة إسرائيلية واضحة ومستمرة تجاه لبنان، تتجاوز ملف غزة، وهذا ما يتجلّى يوميًا في الاعتداءات والانتهاكات".
ويعتبر أن "أي تسوية في غزة قد تُعطي إسرائيل هامشًا أكبر للتركيز على الساحة اللبنانية، سواء عبر القصف أو محاولات فرض وقائع جديدة على الأرض، فالمعادلة القائمة على لبنان بطبيعة الحال تبقى معقّدة، طالما أنّ أسباب التوتّر الأساسية لم تُعالَج، من سلاح حزب الله إلى التوترات الإقليمية المتشابكة".
ويقول: "ما يزيد من خطورة المشهد أنّ إسرائيل قد تسعى إلى اعتماد سياسة "الأرض المحروقة" في بعض المناطق الحدودية وتوسع عدوانها، بحيث تُفرغها من سكانها وتحوّلها إلى مساحات مدمّرة لا بشر فيها ولا حجر، وهذا السيناريو، إن تحقّق، يضع لبنان أمام تحديات وجودية على مستوى الجغرافيا والديموغرافيا، كما أنّ التبدلات في سوريا وبدء مفاوضات جديدة مع إسرائيل، قد تنعكس على لبنان أيضًا، إذ قد تُستغل هذه المفاوضات لإعادة رسم موازين القوى في المنطقة، ما يفرض على لبنان أن يكون مستعدًا لمواجهة انعكاساتها"
ويتابع علم: "لقد علّقنا في وقت سابق آمالًا على الإدارة الأميركية، وعلى إمكان أن تشكّل ضمانة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية. لكن التجربة أظهرت أن إسرائيل لم تلتزم بالانسحاب أو بوقف عملياتها العسكرية، بل استغلّت الاتفاقات القائمة لتفتح جبهات جديدة وتواصل خرقها المتكرر".
ويشدّد على أن "هذه الوقائع تبيّن أنّ إسرائيل لا تنوي التراجع أو التوقف عن اعتداءاتها، إلا في حال تحقيق أهداف شاملة تفرضها هي على حساب لبنان وسائر دول المنطقة، وطالما أن المواقف الإسرائيلية والأميركية مستمرة على هذا النهج، يبقى السؤال، كيف سينتهي هذا المشهد، وإلى أي تسوية يمكن أن يقود؟".
ويختم علم: "نحن اليوم أمام نفقٍ مظلم ومستقبلٍ غامض، فحزب الله لا يزال متمسكًا بسلاحه، وهذا يعني أن السيناريو الأميركي-الإسرائيلي سيبقى مستمرًا."