لم يأتِ العدوان الإسرائيلي وحده ليهدم بيوت البقاع الغربي، فالدولة – كما يقول الأهالي – تُكمل المهمة بطريقة مختلفة.
ففي بلدة سحمر، حيث لا تزال آثار الدمار شاخصة والناس بالكاد يلملمون خسائرهم، أقدمت القوى الأمنية على وقف ورش إعادة إعمار منازل دمّرها العدوان، وذهبت أبعد من ذلك بهدم مشروع إنمائي بحجة “غياب التراخيص”.
الخطوة أثارت استياءً واسعاً في البلدة، فخرج عشرات المواطنين في اعتصامٍ صاخبٍ أمام موقع المشروع، يتقدّمهم رئيس البلدية محمد الخشن، احتجاجاً على ما وصفوه بـ“الإجراءات التعسفية” بحق البلدة.
وقال الخشن في كلمته: “سحمر التي صمدت في وجه العدوان الإسرائيلي تُعاقَب اليوم وكأنها خارجة عن القانون. القوى الأمنية تصرّفت من دون أي تنسيق مع البلدية، وكأن المطلوب معاقبة الناس بدل مساعدتهم. نحن من أكثر اللبنانيين التزاماً بالدولة وبالقانون، لكن ما حصل يضاعف أوجاع الأهالي بدل أن يخففها”.
أما المختار بلال منعم، فاعتبر أن ما جرى “يشبه غارة قانونية” ضد البلدة، وقال: “نحن لسنا ضد تطبيق القانون، بل جزء من الدولة وبنيانها، لكن تنفيذ القانون يحتاج إلى رحمة وعقلانية، لا إلى هدمٍ مفاجئ يترك الناس في العراء. سحمر قدّمت نموذجاً في الانتماء والعطاء، والمطلوب أن تكون الدولة أمّاً عطوفة على أبنائها لا سلطة تضغط عليهم”.
من جهته، قال حسن الخشن، وهو أحد البنّائين الذين أوقفت أعمالهم: “كنا نعيد إعمار منازل دُمّرت بالكامل، فجاءت القوى الأمنية وأوقفت العمل من دون إنذار. هل يُعقل أن يُمنع المواطن من إعادة ترميم بيته المهدّم؟”.
أما جمعة علاء الدين، من فعاليات البلدة، فأكد أن “سحمر لم تخرج من حرب مع العدو لتدخل حرباً جديدة باسم القانون”، مشيراً إلى أن الأهالي يشعرون بأنهم “مستهدفون مرتين: مرة بالقصف ومرة بالقرارات الفوقية”.
الاعتصام، بحسب المشاركين، ليس مجرد احتجاج على قرار إداري، بل صرخة ضد نهج متكرر من التهميش والتضييق, والرسالة التي خرجت من سحمر اليوم كانت واضحة: “كفى تضييقاً، كفى تجاهلاً. نريد دولة تساند أبناءها لا أن تهدم ما تبقّى لهم”.
الـــمــــزيــــــــــد
