اقليمي ودولي

BBC
الأحد 05 تشرين الأول 2025 - 22:30 BBC
BBC

بين الاعتراف والواقع... هذا هو الشرط القانوني لقيام الدولة الفلسطينية

بين الاعتراف والواقع... هذا هو الشرط القانوني لقيام الدولة الفلسطينية

يشكّل اعتراف بعض الدول الغربية، مثل فرنسا وبريطانيا وكندا، بالدولة الفلسطينية خطوة رمزية لاقت ترحيباً واسعاً، لكنّ الخبراء في القانون الدولي يؤكدون أنّ الاعتراف لا يعني بالضرورة قيام الدولة الفلسطينية فعلاً على الأرض، ولا إنهاء الصراع الممتد منذ عقود.

فبحسب هؤلاء، الاعتراف لا يُنشئ الدولة بل يكرّس وضعاً سياسياً رمزياً، بينما يبقى التحدي الحقيقي في تطبيق مقومات الدولة من سيادة وحدود وحكم فعلي.



تستند معظم النقاشات القانونية إلى اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، التي حددت مقومات الدولة بأربع ركائز: شعب مستقر، وإقليم محدد، وحكومة، وقدرة على إقامة علاقات مع الدول الأخرى. وتنص المادة الثالثة من الاتفاقية على أن وجود الدولة لا يتوقف على اعتراف الآخرين بها.


لكنّ التحليل السياسي يُظهر أنّ الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية تحمل بعداً رمزياً أكثر منه قانونياً، وأنّها لا تغيّر شيئاً في ميزان القوى القائم، بل تمهّد فقط لطريق سياسي طويل ومعقّد.


أبرز ما ورد في بيان نيويورك، الصادر عن مؤتمر نظمته فرنسا والسعودية في الأمم المتحدة بين 28 و30 تموز 2025، هو التأكيد على حل الدولتين وضرورة إقامة "دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة".


وجاء في الفقرة (20) أنّ الدولة الفلسطينية "لا تريد أن تكون دولة مسلّحة"، وأنها "مستعدة لتدابير أمنية لصالح جميع الأطراف تحت حماية دولية".


هذا البند أثار جدلاً واسعاً، إذ يعني أن الدولة المنتظرة ستكون بلا جيش وتعتمد على قوات حماية دولية لم تتضح بعد طبيعتها أو تبعيتها.


الفقرة (22) من البيان تنصّ على إجراء انتخابات "شفافة وديمقراطية" يشارك فيها فقط "الفاعلون الفلسطينيون الملتزمون ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية"، ما يعني عملياً إقصاء حماس والجهاد الإسلامي وفصائل أخرى معارضة لأوسلو.


البروفيسور رفائيل ميزون من جامعة باريس اعتبرت أن هذا الشرط يتعارض مع القانون الدولي الذي ينص على أن الاعتراف بالدول غير مشروط ولا رجعة فيه. كما رأت أن فرض نموذج سياسي على الفلسطينيين ينتهك مبدأ تقرير المصير الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة.


الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أعلن أن "الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعني القضاء على حماس"، فيما أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن حماس "لن يكون لها دور في الدولة الفلسطينية المعترف بها".


وهذا الموقف، بحسب مراقبين، يقصي جزءاً كبيراً من الطيف السياسي الفلسطيني، ويجعل الدولة المفترضة تحت وصاية سياسية دولية أكثر من كونها كياناً سيادياً مستقلاً.


في المقابل، يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبدأ الدولة الفلسطينية رفضاً قاطعاً. ففي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، شبّه منح الفلسطينيين دولة قرب القدس بـ"منح القاعدة دولة قرب نيويورك بعد هجمات 11 أيلول"، مؤكداً أن ذلك "جنون ولن يحدث أبداً".


تشير محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الصادر في 19 تموز 2024 إلى أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية "غير قانوني"، وأن على الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات لإنهائه بأسرع وقت ممكن.


لكن، كما تقول البروفيسور ميزون، فإن التحرك الغربي للاعتراف بالدولة الفلسطينية يهدف عملياً إلى تجنّب فرض عقوبات على إسرائيل، كما أوصت المحكمة، وبالتالي إرضاء الرأي العام العالمي دون تغيير جذري في الواقع الميداني.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة