وفي التفاصيل، تبيّن أنّ ملفاً مكتملاً قد قُدّم إلى القضاء، يتضمن معطيات حول حذف أسماء 69 مطلوباً من قاعدة بيانات مكتب التحريات في قوى الأمن الداخلي، المعروفة بـ”النشرة”، بالتوازي مع إزالة الإشارات القضائية عنهم لدى الأمن العام، ما سهّل فرارهم إلى خارج لبنان بعد شطب أسمائهم من لوائح المطلوبين للقضاء مقابل مبالغ مالية ضخمة. ورغم خطورة هذه المعطيات وما تحمله من تداعيات أمنية وقانونية، فإن الملف لا يزال حتى اليوم أمام القضاء من دون أي تحرّك يُذكر.
وهنا يطرح السؤال: من هي الجهة التي تمتلك صلاحية الوصول إلى “داتا” مكتب التحريات وتجرؤ على شطب أسماء مطلوبين من اللوائح الرسمية؟ علماً أن الرقم مرشّح للارتفاع في حال إجراء تدقيق معمّق في هذا الملف.
وفي السياق نفسه، تعود إلى الأذهان قضية الفنانة إليسا، التي تعرضت لعملية احتيال مالي تخطت قيمتها 2.7 مليون دولار. يومها لجأت إليسا إلى القضاء، وصدر بحق المتهم مذكرة بحث وتحرّ، إلا أنّه تمكن من مغادرة لبنان عبر المطار. وقد أعلنت المديرية العامة للأمن العام حينها، في بيان رسمي، أن المدعى عليه غادر البلاد من دون أن يظهر اسمه على شاشة الاستعلام، ما أثار الشبهات حول إمكان التلاعب ببيانات مكتب التحريات في تلك القضية أيضاً.
فضيحة بهذا الحجم، إن لم تُعالج سريعاً وبحزم، لن تكون مجرد حادثة فردية، بل صفعة جديدة لثقة اللبنانيين بمؤسساتهم القضائية والأمنية. فهل يتحرّك القضاء لكشف المستور ومحاسبة المسؤولين، أم يُطوى الملف كسابقاته؟