تسجيل المغتربين وضبابية المشاركة
أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين، عن "الآلية التي تتيح للانتشار اللبناني التسجيل للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة من خارج الأراضي اللبنانية، بدءاً من الخميس في 2 تشرين الأول، حتى 20 تشرين الثاني، عملاً بنص المادة 113 من قانون الإنتخاب والتي تنص على التالي: "تدعو وزارة الداخلية والبلديات بالتنسيق مع وزارة الخارجية بواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج اللبنانيين الذين تتوافر فيهم الشرط للإعلان عن رغبتهم بالإقتراع بالخارج وذلك بتسجيل أسمائهم، بحيث لا تتجاوز المهلة المعطاة للتسجيل العشرين من شهر تشرين الثاني"، وبالتوازي تحركت القوى السياسية لمواكبة هذا الملف، ولكن بقلق كبير مردّه عدم الإتفاق بعد على شكل مشاركة المغتربين، فكيف ذلك؟
تنص المادة 114 من القانون الإنتخابي على أنه: "تقوم الدوائر المختصّة في المديرية العامة للأحوال الشخصية بالتثبّت من ورود الاسم في السجل، وتنظم بعد انتهاء المهلة المعطاة للتسجيل، قوائم انتخابية مستقلة لكل سفارة أو قنصلية باسماء الذين ستتوافر فيهم الشروط القانونية على أن لا يقل عدد المسجلين في المركز الانتخابي الواحد عن 200 ناخباً، وتضع إشارة تحول دون إمكانهم الاقتراع في محل إقامتهم الأصلي إضافة إلى ذكر مكان التسجيل في الخارج"، وبالتالي فإن القانون الحالي، بعد سقوط التعديلات التي رافقت الانتخابات الأخيرة، نصّ على انتخاب ستة نواب يمثلون الاغتراب حصراً، أي أن اللبناني الذي يسجّل في الخارج، يحرم تلقائياً من الاقتراع في الدائرة الأم التي ينتمي إليها داخل لبنان. وهنا بيت القصيد.
قلق من خسارة أصوات الخارج
القلق الذي يعتري القوى السياسية، ولا سيما تلك المطالبة بتعديل قانون الإنتخاب لمشاركة المغتربين بالإنتخابات كما الدورة السابقة، وبحسب ما تُشير مصادر مقربة من "القوات اللبنانية"، ينطلق من أنه بحال تفعيل العمل لحثّ المغتربين على التسجيل بالخارج، واقتصر الأمر بالنهاية على اقتراع المغتربين لستة مقاعد تمثل القارات الست، فهذا يعني تحييد عشرات آلاف الأصوات المؤثرة عن الدوائر الأم، فمن يُسجل بالخارج لا يمكنه السفر إلى لبنان والإقتراع في مكان نفوسه، وبحال لم يتم الحثّ على التسجيل تحسباً لمشاركة المغتربين من خلال العودة إلى لبنان، فهذا يعني أنه بحال تم تعديل القانون لينتخب المغتربون 128 نائباً، ستكون الضربة كبيرة للقوى التي تعول على القوة الإغترابية.
ترى المصادر عبر "ليبانون ديبايت" أن الوقت الممنوح للتسجيل بالخارج قد لا يشهد حلاً لأزمة القانون الإنتخابي، خصوصاً بظل معلومات عن تأجيل البت بالمسألة إلى مطلع العام المقبل، مشيرة إلى أن هذا التمييع والتأجيل قد يكون مقصوداً من قبل قوى الممانعة والتيار الوطني الحر، لتضييع أصوات المغتربين، معتبرة أنه إذا بقي القانون على حاله، فإن آلاف المغتربين الذين يسجّلون أسماءهم سيجدون أنفسهم أمام خيار وحيد هو الاقتراع لستة نواب موزّعين طائفياً ومذهبياً لا يعكسون حقيقة المشهد اللبناني، وهذا يعني إضعاف أثر التصويت الاغترابي وتحويله إلى مشهدية شكلية أكثر منه قوة تغييرية، وإحباط شريحة واسعة من المغتربين الذين يعتقدون أن القانون "يحتال عليهم"، فيفضّلون العزوف أو المقاطعة.
رغم ذلك تكشف مصادر القوات أن شهر تشرين الأول سيُخصص لدراسة الأرقام وقراءة المؤشرات والسيناريوهات، وبناء على النتائج سيُتخذ القرار على أن يكون هناك فسحة زمنية متبقية لتنفيذ القرار، بالحثّ على التسجيل، أو العمل وفق خطة "ب" يكون عنوانها "مشاركة المغتربين في دوائرهم الأصلية"، أو حتى تركيب خطة عمل مزدوجة، من خلال تقسيم المغتربين، بالتسجيل للست نواب، وللعودة الى لبنان.
الثنائي الشيعي يحاول حصر الضرر
يحاول الثنائي الشيعي حصر ضرر مشاركة المغتربين قدر الإمكان بسبب الصعوبات التي تعترضه بالعمل السياسي بالخارج، وبحسب مصادر قيادية فيه فإن الثنائي سيباشر الحثّ على التسجيل بالتزامن مع تشكيل اللجان الخاصة للمتابعة مع المغتربين، وهو متمسك بتطبيق القانون الحالي ورفض التعديلات، وأسبابه بذلك واضحة جداً، وتُشير المصادر عبر "ليبانون ديبايت"، إلى أنه على عكس ما يروج له من يُريد الإستفادة من "الفيتو" الخارجي على حزب الله، فإن اقتراع المغتربين لم يكن يوماً لـ 128 نائباً، تماماً كما هو حال المقيمين الذين لا يقترعون لـ 128 نائباً، وذلك بسبب تقسيم الدوائر وشكل القانون، ورفض من يطالب بتعديل القانون اليوم اعتماد الدوائر الموسعة أو لبنان دائرة واحدة، وبالتالي فإن المغترب لو تعدل القانون سينتخب نائباً واحداً بالصوت التفضيلي الواحد.
رغم فتح باب التسجيل، لا يوجد على جدول أعمال الثنائي أي جولة خارجية بالوقت الراهن بسبب غياب الوضوح بخصوص شكل مشاركة المغتربين، فالمطلوب التواصل عن بُعد لحثّ المغتربين على التسجيل، علماً أنه بحسب المصادر لا يمكن للثنائي التحرك بجولات خارجية بشكل مريح حتى لو اتضّح شكل المشاركة، ولأسباب معروفة.
بدأت عملية تسجيل المغتربين، ولو أن كثير من القوى السياسية تعتقد أن هذا البند لن يُطبق بالشكل الذي تُريده القوى المطالبة بتكرار انتخابات عام 2022، ولا بالشكل الذي تتمسك به القوى المطالبة باعتماد النواب الست بالخارج، بل بنسف اقتراع المغتربين، وبالتالي إلغاء قوائم المسجلين، وعودة من يرغب بالمشاركة بالعملية الإنتخابية إلى لبنان.