يستعدّ القضاء اللبناني لبدء محاكمة الفنان فضل شاكر، إذ يُنتظر أن تُحدّد المحكمة العسكرية، خلال الساعات المقبلة، موعد انطلاق الجلسات في ثلاث قضايا جنائية صدرت بحقّه أحكام غيابية في وقتٍ سابق.
وتترقّب الأوساط القضائية والسياسية والفنية هذه المحاكمة التي تُعدّ من أبرز الملفات الشائكة في لبنان، بعدما دخلت مرحلة الحسم القضائي، عقب 12 عاماً أمضاها شاكر متوارياً داخل مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا.
وقال مصدر قضائي لـ"الشرق الأوسط"، إن المحكمة العسكرية برئاسة العميد بسّام فياض "بصدد تحديد جلسة المحاكمة فور انتهاء التحقيقات الأولية التي تجريها مخابرات الجيش مع شاكر"، مرجحاً أن "تنطلق المحاكمة في الأسبوع المقبل ما لم يطرأ تطور يستدعي تأجيل الموعد لأيام قليلة".
وأشار إلى أن القضاء "لا يتأثر بالحملات التي تحصل في الخارج سواء المتعاطفة مع فضل شاكر أم المعادية له، وتخشى تبرئته أو إبرام صفقة لإنهاء ملفاته، بل يتعاطى مع القضيّة ببعدها القانوني وبوقائعها وحيثياتها والأدلة التي تقدمها جهة الادعاء المتمثلة بالنيابة العامة العسكرية، أو بفريق الدفاع عن شاكر الذي سيدفع بقرينة البراءة".
يُعدّ فضل شاكر المتهم الوحيد في هذه القضايا، ما يرجّح أن تكون المحاكمة سريعة من حيث الإجراءات، رغم أنّ المحكمة قد تستدعي شهوداً أو تطلب تسجيلات تتعلّق بدوره قبل أحداث عبرا وخلالها (صيدا – 2013)، وهي الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحين من أتباع الشيخ أحمد الأسير، وأدّت إلى سقوط عدد من العسكريين والمدنيين.
ومنذ تلك الأحداث، لجأ شاكر إلى مخيم عين الحلوة، ثم أعلن أكثر من مرة عن رغبته في تسليم نفسه وتسوية وضعه القانوني، قبل أن يتراجع خشية ما وصفه بـ"تسييس محاكمته" نظراً إلى النفوذ الذي كان يتمتّع به "حزب الله" داخل المحكمة العسكرية في تلك الفترة.
وتوقع المصدر القضائي أن تسير محاكمة فضل شاكر "بوتيرة سريعة، لكونه المتهم الوحيد في الملفات التي سيحاكم في هذه الملفات، وسيدافع عن براءته، ويحض التهم الخطيرة الموجهة إليه، لكن المحكمة ستستدعي شهوداً للإدلاء بإفاداتهم، كما ستطلب تزويدها بأي فيديوهات أو تسجيلات منسوبة إلى شاكر في حال توفرها لدى الجيش اللبناني أو لدى النيابة العامة العسكرية، والاطلاع عليها خلال مجريات المحاكمة، والاستناد إليها لإصدار الأحكام".
ويواجه شاكر الذي سلّم نفسه إلى مخابرات الجيش، ليل السبت الماضي، 3 أحكام غيابية صدرت بأوقات متفاوتة ما بين عامي 2015 و2020 تراوحت عقوباتها ما بين 5 أعواماً و15 عاماً أشغالاً شاقة، بتهم تتعلق بحيازة أسلحة حربية وتمويل مجموعة مسلّحة ارتكبت أعمالاً إرهابية (جماعة الأسير) والاشتراك بتأليف مجموعة مسلّحة بقصد الاخلال بالأمن والنيل من هيبة الدولة والاشتراك بمعارك عبرا التي وقعت بين الجيش اللبناني ومسلحين تابعية للأسير.
وأبلغت مخابرات الجيش المحكمة العسكرية، يوم الاثنين، بتنفيذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحق شاكر بعد تسليم نفسه لدورية من مديرة المخابرات عند مدخل مخيم عين الحلوة، كما أن وكيلته القانونية حضرت إلى مقر المحكمة العسكرية لترقب أي جديد ومعرفة موعد تحديد جلسة المحاكمة.
وأوضحت مصادر مقربة من فضل شاكر، أنه "مرتاح للانتقال من مرحلة طويلة من التواري عن الأنظار واللجوء إلى عين الحلوة، وما رافق تلك المرحلة من شائعات واتهامات طالته عن غير حقّ، إلى مرحلة بات فيها بتصرّف القضاء"، لافتة إلى أن "رهانه على أن الحقيقة ستظهر"، مشيرة إلى أن لبنان "منذ انتخاب الرئيس جوزيف عون دخل مرحلة جديدة ومعها القضاء اللبناني، وهناك أملٌ كبير بأن العدالة ستتحقق".