أعلن قصر الإليزيه في بيان مساء الأربعاء، أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيعيّن رئيسًا جديدًا للوزراء خلال الساعات الـ48 المقبلة، في خطوة تهدف إلى إخراج البلاد من أزمتها السياسية التي تفجّرت بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سيباستيان لوكورنو.
ويأتي هذا القرار بعد جولة مشاورات مكثّفة أجراها لوكورنو مع مختلف القوى السياسية، في محاولة لإيجاد تسوية تُجنّب فرنسا الذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهو خيار ما زال مطروحًا على الطاولة لكنه يحمل في طيّاته مخاطر كبيرة على الاستقرار السياسي والاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد داخل الاتحاد الأوروبي.
كان لوكورنو قد قدّم استقالته الإثنين الماضي، بعد أقل من 24 ساعة على إعلان تشكيل حكومته الجديدة، في خطوة أحدثت أزمة سياسية لم تعرف فرنسا مثلها منذ أكثر من سبعين عامًا.
وفي مقابلة مع القناة الفرنسية الثانية، أوضح لوكورنو أنّ "الظروف باتت مهيّأة لتعيين رئيس جديد للحكومة خلال 48 ساعة"، مشيرًا إلى أنّ احتمال حلّ الجمعية الوطنية قد تلاشى، إذ "معظم القوى السياسية لا ترغب في ذلك".
وأضاف، "لقد جربت كل شيء، ومهمتي انتهت مساء الأربعاء"، نافياً نيّته العودة إلى رئاسة الوزراء. كما شدّد على أنّ "الوقت غير مناسب لتغيير الرئيس"، ردًا على دعوات متزايدة من المعارضة تطالب ماكرون بالاستقالة.
وفي بيانه الرسمي، شكر الإليزيه لوكورنو على جهوده خلال اليومين الماضيين، وأقرّ باستنتاجاته التي تفيد بأنّ غالبية النواب يعارضون حلّ البرلمان، وأنّ هناك أرضية كافية لتأمين الاستقرار واعتماد الميزانية قبل نهاية كانون الأول.
وجاء في البيان: "استنادًا إلى هذه المعطيات، سيعيّن رئيس الجمهورية رئيسًا جديدًا للوزراء خلال 48 ساعة".
ولم يكشف البيان عن اسم الشخصية التي سيختارها ماكرون، في حين أكّد لوكورنو بنفسه أنّه لن يكون المعني بالتعيين هذه المرة.
في المقابل، هاجمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بشدّة الرئيس الفرنسي، محذّرة من أنّ حزبها "التجمع الوطني" سيعيق تأليف أي حكومة جديدة.
وقالت في تصريح لافت: "لن أمنح الثقة لأي حكومة. كفى، لقد طالت هذه النكتة كثيرًا." وأضافت، "أنتظر حلّ الجمعية الوطنية أو استقالة ماكرون... وكلا الخيارين يناسبني."
وأكدت لوبان أن حزبها لن يشارك في أي تسوية سياسية تتيح لماكرون استعادة زمام المبادرة، داعية إلى إعادة القرار إلى الفرنسيين عبر انتخابات جديدة.
وفي مؤشر على تراجع الثقة الشعبية بالرئيس الفرنسي، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "أودوكسا باكبون" لصالح صحيفة لوفيغارو أنّ 57% من الفرنسيين يعتبرون ماكرون المسؤول المباشر عن استقالة حكومته، فيما عبّر 70% منهم عن تأييدهم لاستقالته من منصبه.
وتواجه فرنسا منذ أشهر شللاً سياسياً غير مسبوق، إذ ينقسم البرلمان بين اليسار واليمين المتطرف واليمين الوسط، دون امتلاك أي كتلة للأغلبية، ما يجعل تشكيل أي حكومة جديدة تحديًا معقّدًا للرئيس ماكرون، الذي يسعى إلى تجنّب فراغ سياسي أو انتخابات قد تقلب موازين القوى بالكامل.