مع الإعلان عن التوصل إلى المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، أنه بدأ استعداداته الميدانية لإعادة الانتشار داخل القطاع، تمهيداً لتنفيذ بنود الاتفاق الذي أُبرم بوساطة دولية.
وقال الجيش في بيان إن قواته تستعد لإعادة الانتشار في غزة، موضحاً أنه شرع بوضع خطة قتالية جديدة للانتقال قريباً إلى خطوط انتشار محددة وفق الاتفاق. وأضاف أن الترتيبات الميدانية جارية لتنظيم عملية الانسحاب المرحلي من بعض المناطق، بالتوازي مع الإجراءات اللوجستية الخاصة بوقف النار وتبادل الأسرى.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الجيش يعتزم تنفيذ "هجمات ختامية" خلال الساعات الأخيرة التي تسبق دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، على أن تستهدف مواقع تعتبرها تل أبيب ذات أهمية استراتيجية.
وذكرت التقارير أن الضربات الأخيرة تهدف إلى استهداف مخازن أسلحة ومراكز قيادة رُصدت خلال الأيام الماضية.
بالتزامن، استهدف قصف إسرائيلي مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، فيما قصفت المدفعية محيط شارع الصناعة في حي الصبرة وغرب تل الهوا، إضافة إلى شمال مخيم النصيرات وسط القطاع.
كما شنّت الطائرات الإسرائيلية عدداً من الغارات على خان يونس، واستهدفت منزلاً في مخيم الشاطئ، في حين فجّر الجيش الإسرائيلي مدرعة مفخخة بين المنازل السكنية في حي الصبرة جنوب المدينة.
وأفادت مصادر محلية بأن طائرة مسيّرة من نوع “كواد كابتر” ألقت ثلاث قنابل على مجموعة من المواطنين مقابل محطة البربري في شارع الجلاء وسط غزة.
ورغم استمرار القصف بوتيرة أخف، عمّت الاحتفالات شوارع غزة وتل أبيب فور إعلان الاتفاق بين إسرائيل وحماس، إذ خرج الفلسطينيون في القطاع احتفالاً بوقف الحرب بعد عامين من الدمار، فيما تجمعت عائلات الأسرى الإسرائيليين في تل أبيب ابتهاجاً بقرب استعادة أبنائهم.
وينص الاتفاق، الذي أُبرم برعاية أميركية ومصرية وقطرية وتركية، على تبادل الأسرى بين الجانبين، بحيث تُفرج حماس عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين.
وجاء الاتفاق بعد محادثات غير مباشرة استمرت لأيام في مدينة شرم الشيخ المصرية، وأسفرت عن التوافق على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقطاع غزة، المؤلفة من 20 بندًا، تشمل وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، وانسحاباً تدريجياً للجيش الإسرائيلي من القطاع.
ويُعد الاتفاق أول خطوة عملية نحو إنهاء الحرب المستمرة منذ عامين، والتي اندلعت عقب هجوم السابع من تشرين الأول 2023.
ومن المنتظر أن تصوّت الحكومة الإسرائيلية بعد ظهر اليوم على الاتفاق، تمهيداً للمصادقة عليه رسميًا، في وقتٍ يتوقّع أن يصل مساء اليوم إلى تل أبيب المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر، اللذان شاركا في المشاورات النهائية بشرم الشيخ.
وبينما تبدأ القوات الإسرائيلية بإعادة انتشارها الميداني داخل القطاع، يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة قد ترسم ملامح “غزة الجديدة”، بين مسارٍ أمني يقوده الجيش الإسرائيلي ومبادرة سياسية ترعاها واشنطن، في محاولة لوضع نهاية فعلية لأطول الحروب وأكثرها دموية في تاريخ القطاع.