ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، في حضور جمع من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المصلين.
واستهلّ قبلان خطبته بالتحذير من خطورة المرحلة الدولية الراهنة، قائلاً إنّ "واقع العالم خطير للغاية، والمنظومة الدولية باتت بلا مواثيق ضامنة، فيما جماعات حقوق الإنسان تتفرج بشغف على مذابح غزة وبقية مشاريع الإبادة، ومجلس الأمن أصبح مسلخاً دولياً للأقوياء".
ورأى المفتي قبلان أنّ "بقاء المقاومة وحضورها القوي، ومعها بيئتها الصامدة، هو في حد ذاته أكبر انتصار استراتيجي"، مؤكداً أن "النصر لا يُقاس بعدد المعارك، بل بقدرة المقاومة على الصمود أمام الترسانة الأميركية – الإسرائيلية – الأطلسية التي شُرّعت لإلغائها".
وأضاف: "رغم كل ما زُجّ في هذه الحرب من قوة، بقيت المقاومة بعزّ حضورها، وخسرت إسرائيل أخطر أهداف حروبها الوجودية، بفضل الله وفضل التضحيات الجسام التي قدّمتها المقاومة وبيئتها ومحورها".
وأكد أن "شطب المقاومة بأخطر حروب الأطلسي أمر غير ممكن أبداً، فالتاريخ جولات وجولات، وهذه الحرب مفصلية بحروب المنطقة والعالم، وما بعدها لن يكون كما قبلها".
ووجّه المفتي قبلان تحية إلى غزة ومقاومتها، قائلاً: "نبارك لغزة وناسها ومقاومتها، ولأنفسنا في لبنان واليمن والعراق وإيران وسائر بلاد الممانعة، أعظم ملاحم التضحية وأكبر معاني الثبات والانتصار".
وأشار إلى أنّ وقف النار الحالي جاء وفق معادلة ندّية مكلفة للغاية، لكنها "تليق بالهدف الكبير المتمثل في حماية الأوطان، وستغيّر المعادلة السابقة حتماً".
وأضاف متوجهاً إلى أهل غزة: "جميعنا في خندق واحد، والأثمان واحدة. السيد حسن قربان بحجم أمة، وقد قدّم نفسه شهيدًا للقدس ونموذجًا لقادة الحرية في العالم. اللحظة للتاريخ، وغداً يوم مفصلي جديد بعد خسارة إسرائيل ومحورها لأهداف هذه الحرب الوجودية".
وفي رسالة مباشرة إلى الحكومة اللبنانية، قال المفتي قبلان: "الجنوب اللبناني مقياس السيادة والشهامة، وهو شرعية الحكومة اللبنانية. كلام الرئيس نبيه بري شهادة وطن، وهو الذي استعاد الوطن يوم تخلّى عنه البعض وهرب آخرون".
وأضاف: "لا كرامة لحكومة تتنكر للجنوب والبقاع والضاحية، ولا شرف لحكومة لا يهمها أمر الجنوب. مثل هذه الحكومة غير مرحّب بها فوق أرض الجنوب، لأن هذه الأرض أرض سيادة وكرامة ووفاء".
وشدد على أن "من يحمل وطنه بحقيبة ليس أهلاً للوطنية، ولا يجوز أن يتحدث عن السيادة من يدير ظهره للجنوب وملاحمه. لا وطن بلا جنوب، ولا أحد عندنا أكبر من الجنوب".
وتابع قبلان: "كما حملنا أشلاء هذا الوطن ونهضنا بسيادته المخضبة بالأثمان العظيمة، نحمل اليوم أشلاءنا السيادية لننهض ببلد الإمام موسى الصدر، والبطريرك خريش، والمفتي حسن خالد، وشيخ العقل أبو شقرا، ولن نقبل للبنان إلا أن يكون دولة سيادية جامعة، تفاخر بقادتها وجيشها ومقاومتها".
وأشار إلى أنّ لبنان الذي يريده "هو لبنان العائلة الوطنية، حيث جبل عامل وجبل لبنان وجبل الدروز وبيروت والشمال، وطن واحد موحد لا يُهزم بالحصار ولا تُغلب إرادته".
وختم المفتي قبلان خطبته بالتأكيد على أنّ "العين اليوم على ملحمة انتخابية وطنية تعيد للبنان عافيته"، داعياً إلى "تثبيت الشراكة بين الجيش والمقاومة والشعب الشريف، لأنها معادلة الكرامة والسيادة التي أثبتت أنها لا تُكسر".