مع دخول اتفاق التهدئة في غزة مراحل التنفيذ الأولى، أعلنت الولايات المتحدة نيتها نشر نحو 200 جندي أميركي ضمن قوة مراقبة مشتركة لمتابعة تنفيذ الترتيبات الأمنية، في خطوة تمثل أول حضور ميداني أميركي في إطار خطة "ما بعد الحرب" التي لا تزال تفاصيلها غامضة.
وبحسب ما نقلته وكالات الأنباء الدولية عن مسؤولين في واشنطن، فإن القوات الأميركية لن تكون قتالية، بل ستعمل ضمن قوة متعددة الجنسيات تضم عناصر من مصر وقطر ودول أخرى محتملة، على أن يتمركز أفرادها داخل الأراضي الإسرائيلية لمراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وضمان استقراره.
وفي موازاة ذلك، كشف مصدر في البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيزور إسرائيل يوم الإثنين المقبل، في زيارة خاطفة سيلقي خلالها كلمة أمام الكنيست، من دون أي لقاءات رسمية إضافية.
وتأتي الزيارة بعد تصريحات لترامب أكد فيها أن "الرهائن الإسرائيليين سيفرج عنهم مطلع الأسبوع المقبل"، مشدداً على أن "خطة السلام لا تتضمن تهجير سكان غزة".
محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية" موفق حرب، أوضح أن مهمة القوة الأميركية لا تزال غير محددة بدقة، مشيراً إلى أنه لن تكون هناك قوات أميركية داخل قطاع غزة، بل "مجموعة مراقبين ينتشرون على الجانب الإسرائيلي للإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق".
وقال حرب إن هذه القوة "تأتمر مبدئياً بمجلس السلام الذي سيُنشأ برئاسة ترامب"، موضحاً أن دورها يقتصر على الرصد ورفع التقارير، من دون أي صلاحيات قتالية أو تدخل مباشر، إذ لا يوجد حتى الآن قرار من مجلس الأمن يمنحها تفويضاً دولياً.
وأضاف أن وجود هذه القوة "يشبه آليات المراقبة الدولية في لبنان أو سيناء"، محذراً من أن أي احتكاك ميداني محتمل قد يعيد التوتر، خاصة أن إسرائيل عادة لا ترحب بوجود قوات أجنبية في مناطق عملياتها.
من جانبه، قال محرر الشؤون الفلسطينية في "سكاي نيوز عربية" سلمان أبو دقة إن "إسرائيل كعادتها تترك بنود الاتفاقات فضفاضة وتستخدمها لكسب الوقت"، مضيفاً أن ما يجري حالياً هو تطبيق للمرحلة الأولى من خطة ترامب، فيما تبقى المرحلة الثانية رهناً بنزع سلاح حركة حماس.
وأوضح أبو دقة أن الجيش الإسرائيلي أعاد تموضعه في نحو نصف مساحة قطاع غزة، محافظاً على سيطرة نارية في المناطق التي انسحب منها، بينما بدأت حماس إعادة انتشار عناصرها الأمنية في بعض المناطق الداخلية.
وأشار إلى أن القاهرة تتولى تدريب نحو 5 آلاف عنصر شرطة فلسطيني لتولّي مهام الأمن في المدن، على أن تنفيذ هذه الترتيبات مرتبط بموافقة حماس على تسليم سلاحها وإدارة القطاع لسلطة فلسطينية موحدة.
ويرى موفق حرب أن الاتفاق الحالي مؤقت ومشروط بتحرير الرهائن الإسرائيليين وتنفيذ الخطوات الأمنية اللاحقة، مشيراً إلى أن واشنطن تمارس ضغطاً على تل أبيب للمضي في الخطة، لكن "بعد الإفراج عن الرهائن قد يتراجع الاهتمام الأميركي تدريجياً".
أما أبو دقة، فاعتبر أن "المشهد لا يزال في مفترق طرق"، فـ"حماس تدرك أن مستقبلها السياسي أصبح غامضاً، فيما تسعى إسرائيل إلى إبقاء الوضع الراهن لتفادي أي استحقاق سياسي مثل قيام دولة فلسطينية موحدة".
وختم قائلاً إن "زيارة ترامب إلى إسرائيل قد تمنح زخماً سياسياً مؤقتاً، لكنها لن تُنهي الغموض الذي يلف مصير غزة والمنطقة ما لم تُستكمل كل مراحل الاتفاق".