"ليبانون ديبايت"
هجوم إسرائيلي كبير طال منطقة المصيلح، ولم يكن على بنى أو منشآت تابعة لحزب الله، بل اعتداء صارخ على باب رزق آلاف العائلات، حاملاً عدة رسائل تتعلق بجغرافيا الاستهداف من ناحية، وبالرسالة المباشرة لمنع أي محاولة مستقبلية لإعادة الإعمار في الجنوب عبر استهداف المعدات التي تساعد في ذلك.
ولكن، هذا التطور بحجم الاعتداء أو نوعيته، هل هو بضوء أخضر أميركي لفرض الشروط على لبنان في أي اتفاق مقبل؟
يؤكد الخبير العسكري والعميد المتقاعد حسن جوني، في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أن العدوان الإسرائيلي فجراً ما هو إلا مواصلة لاستراتيجية إسرائيل، ولكن تتضمن رسائل أقوى تتعلق بـ:
-أولاً: استهداف منشآت ومعدات مدنية في معارض لم تُستخدم بعد لا في إعادة الإعمار ولا في إعادة بناء البنى التحتية، وفق حكم إسرائيلي مسبق بأنها تُستخدم لإعادة بناء البنى التحتية لحزب الله.
-ثانياً: حجم وقوة الأذى والضرر، حيث فاق عدد الآليات المتضررة الـ300 جرافة وحفارة، مما يعني أن مستوى الضرر المطلوب إلحاقه يعتبر نمطاً جديداً في الحرب، بما يشي بأن وتيرة الاعتداءات تتصاعد. ويشير إلى ما قاله رئيس الجمهورية بأن هذه الاعتداءات تأتي بعد وقف إطلاق النار في غزة، للدلالة على أن خيار العدو العسكري باتجاه لبنان مستمر، وسيرفع مستوى ضرباته لناحية طبيعة وحجم الأهداف.
-ثالثاً: من خلال قراءة جغرافيا الهدف، الذي يقع على مقربة قريبة جداً من منزل رئيس مجلس النواب نبيه بري في المصيلح، يمكن القول إن المنزل قد يكون قد تعرض للضرر أيضاً، لا سيما أن الأضرار طالت معظم منازل محيط الغارات، بما قد يُفسَّر بأن الاعتداء يحمل رسالة مباشرة إلى الرئيس بري، وغير مباشرة إلى الدولة اللبنانية كافة.
-رابعاً: اليوم في لبنان يدور نقاش داخلي كبير حول موضوع احتكار السلاح، وبالتالي تريد إسرائيل من خلال الاعتداءات الدفع باتجاه استنهاض الأصوات الداخلية للقول: "ليتم احتكار السلاح لنزع الحجة الإسرائيلية من ضرب لبنان".
-خامساً: الاعتداءات المتصاعدة هي، برأيه، رسالة استفزاز لحزب الله وبيئته، في وقت يستمر هو بالالتزام بوقف إطلاق النار وعدم الرد.
أما عن وجود ضوء أخضر أميركي لإسرائيل من أجل التصعيد، بما يخدم مصالح الدولتين، فيلفت إلى أنه لا يمكن معرفة ما إذا كان هناك ضوء أخضر أميركي لتطوير العمليات العسكرية، فما يقوم به الإسرائيلي هو استكمال لاستراتيجيته منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار. إلا أنه لا شيء يمنع من أن تكون هناك موافقة أميركية على تطوير العمليات العسكرية العدائية في لبنان، لأن هناك تقاطعاً وتطابقاً في الرؤية الأمنية الاستراتيجية في المنطقة بين "إسرائيل نتنياهو" و"أميركا ترامب". بمعنى أن الولايات المتحدة الأميركية ترى الموقف الأمني الاستراتيجي في المنطقة كما تراه إسرائيل، وتنفذه إسرائيل بدعم أميركي مفتوح، وعنوان هذه الرؤية هو: "فرض السلام عبر القوة".
إلا أنه يلفت إلى أمر هام فيما يخص غزة، حيث إنه، إلى حدٍّ ما، فإن حماس لم تُهزم هناك، رغم التضييق الكبير والحرب المدمرة عليها، فهي صمدت في خيار عدم تحرير الأسرى إلا عبر اتفاق.