"ليبانون ديبايت"
هدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدم تمرير موازنة 2026 في المجلس النيابي في حال لم تتضمّن بنداً يتعلق بإعادة إعمار المناطق التي دمّرها العدوان الإسرائيلي على لبنان. هذا الموقف فتح الباب أمام تأويلات متعددة حول خلفيّاته الاقتصادية والسياسية في آنٍ واحد، وهل تلجأ الحكومة، في حال أصرّ الرئيس بري على موقفه، إلى تعديل الموازنة أو إلى إصدارها بمرسوم، على غرار ما حصل في عهد حكومة الرئيس ميقاتي؟
يعتبر الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنه في موضوع الموازنة، والكلام الذي قاله رئيس المجلس الأستاذ نبيه بري، حاول أن يؤكد أنّ الموازنة لن تمرّ إذا لم يكن فيها بند لإعادة الإعمار. يبدو واضحاً أنّ العملية مبدئية، لأنّ الرئيس بري يدرك أنّ مقدّرات الدولة اللبنانية متواضعة جداً، ويعلم أنّنا في الوقت الحالي عقدنا اتفاق قرض بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي، للمساهمة في إعادة الإعمار، على الأقل في البنية التحتية التي تمهّد لإعادة الإعمار.
ويوضح أنه وفق هذا الواقع، فإن الحكومة ليست مقصّرة، فهي تحاول أن تقوم بما تستطيع، لكن الرئيس بري يعرف أن قدراتها متواضعة.
ويعتقد فرح أنّ الرئيس بري، من خلال هذا الموقف، يخاطب بيئته أيضاً، لأنه في نهاية المطاف يريد أن تشعر بيئته بالارتياح تجاه مواقفه، لذلك من المرجّح، برأيه، أنه في نهاية المطاف ستُعقد تسوية، ولن نُضطرّ إلى إصدار الموازنة بمرسوم، وبالتالي لن يمتنع الرئيس بري عن تمريرها.
ويظن أنّه ضمن هذه التسوية قد يحصل شيء مبدئي، أي يتمّ إدراج بند للمساهمة في إعادة الإعمار، ولكن برأيه، قد يكون هذا البند منطوياً على مبلغ متواضع نسبياً، لتبدو العملية كأنها خطوة أولية تقول من خلالها الحكومة: "أنا لديّ مسؤولية في مشروع إعادة الإعمار، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة".
ومن هذا المنطلق، يرى فرح أنّ الحكومة، من حيث المبدأ، ستدرج مبلغاً متواضعاً للبدء بالمشروع، على أمل في وقت لاحق إبرام اتفاقات وتدفّق المساعدات الدولية إلى لبنان، كي يتمكّن من تنفيذ مشروع إعادة الإعمار الكامل.
ولكنه ينبّه إلى أمر يدركه الرئيس بري تماماً، مثل سائر المسؤولين، وهو أنّ مشروع المساعدات الدولية لإعادة إعمار لبنان لن يتمّ قبل إنجاز ما هو مطلوب من لبنان على المستويين السياسي والأمني، وتحديداً مسألة حصرية السلاح، بحيث تعود الدولة دولةً طبيعية بكل معنى الكلمة.