يدخل التحقيق في ملف إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، مرحلة جديدة قد تؤسس لتعاون قضائي لبناني – ليبي جدّي، مع إخلاء سبيل هنيبعل القذافي بعد عشر سنوات على توقيفه بتهمة إخفاء معلومات عن قضية الخطف التي حصلت في آب العام 1978، حين كان القذافي الابن بعمر السنتين.
إخلاء سبيل القذافي مع منعه من السفر مدة شهرين قابلة للتجديد، مرتبط بدفع الكفالة المالية التي حدّدها المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة بـ11 مليون دولار، شقّ منها البالغ 10 ملايين دولار كتعويضات للمدعين، والمليون الآخر لتأمين الحضور، في وقت نقل عن جهة الدفاع عن القذافي أنه لا يملك هذا المبلغ وقد يتجهون إلى تقديم طلب لإلغاء الكفالة أو لتخفيض قيمتها.
تأمل مصادر قضائية أن يترك هذا التطور في القضية صدى إيجابيًا لدى السلطات الليبية تجاه القضاء اللبناني، بما يفتح الباب أمام تعاون فعلي بين البلدين لكشف مصير الصدر ورفيقيه، وتحديدًا في تسليم لبنان نسخة عن التحقيق الذي سبق أن أجرته السلطات الليبية بعد سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011.
هذا الأمر، الذي كان في السابق مدار اجتماعات عُقدت بين السلطتين الليبية واللبنانية، لم يتحقق، حيث نكث الليبيون بوعودهم بعدما أبدوا تعاونًا بتسليم لبنان محاضر التحقيق، وطالبوا في المقابل بالإفراج عن هنيبعل القذافي.
القذافي خضع أمس لجلسة تحقيق بعد ثمانية أعوام على آخر جلسة له أمام القاضي حمادة، بناءً على طلب وكلاء عائلة الصدر التي تمثلت بالجلسة بالمحامي شادي حسين، فيما حضر عن باقي المدّعين من عائلتي يعقوب وبدر الدين المحاميان أنطوان عقل وناجي أيوب، كما حضر بالذات المدّعيان حسين يعقوب وشقيقته هدى، في إجراء استثنائي اتخذه حمادة بالموافقة على حضورهما رغم تمثّلهما بمحامٍ. وحضر عن القذافي المحامي الفرنسي لوران بايون والمحامي نسيب شديد.
ووسط تدابير أمنية مشددة، أُحضر القذافي من سجنه لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى قصر العدل في بيروت قرابة العاشرة والنصف صباحًا، لتبدأ الجلسة بعد أربعين دقيقة، واستمرت قرابة الساعتين، أُعيد بعدها القذافي بالطريقة نفسها إلى مكان توقيفه، في حين قرر حمادة إخلاء سبيله، وهو الطلب المقدّم منذ الرابع من شهر حزيران الماضي.
وما رشح عن الجلسة أن القذافي أصرّ على إنكاره لجهة علمه بتفاصيل جريمة اختطاف الصدر، أو معرفته لاحقًا بتلك التفاصيل، كما أنكر أن يكون قد ذكر سابقًا أنه يملك معلومات ومستعد للإفصاح عنها “بعد صعوده إلى الطائرة”، مستغربًا تدوين هذه الأقوال في محضر التحقيق، ومؤكدًا أنه لم يذكر ذلك أبدًا.