المؤشرات الإيجابية بدأت تتبلور... المرحلة المقبلة حاسمة إقتصاديًا!

وفي هذا الإطار، أكد الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن "مسار المفاوضات مع صندوق النقد لا يزال يسير ضمن إطاره الطبيعي، مشيرًا إلى أن المؤشرات الإيجابية بدأت تتبلور على أكثر من مستوى، ما يجعل الوصول إلى اتفاق نهائي ليس بعيد المنال"، وفق تعبيره.

وأشار دكتور جباعي إلى أن "وزير المالية عرض خلال الاجتماعات الأخيرة مختلف الخطوات التي تقوم بها الحكومة اللبنانية للوصول إلى اتفاق مع الصندوق، سواء على مستوى الإصلاح الجمركي أو الإصلاح الضريبي أو المشاريع القانونية والإصلاحات الإدارية التي تعمل عليها الدولة.

وأوضح جباعي أن صندوق النقد أثنى على عدد من الإجراءات التي قامت بها وزارة المالية، وخصوصًا في ما يتعلق بالإصلاحات المالية والإدارية"، لافتًا إلى أن "العمل جارٍ اليوم على تذليل بعض الملاحظات التي أبداها الصندوق في موضوع إصلاح القطاع المصرفي، حيث من المقرر أن يعرض وزير المالية هذا الملف على مجلس الوزراء في جلسته المقبلة لمزيد من النقاش والتنسيق".

واعتبر جباعي أن “الإطار العام للمفاوضات إيجابي، والأمور لا تسير وفق ما يُشاع، بل ما زالت ضمن المسار الطبيعي الذي بدأت عليه”، موضحًا أن لبنان يحتاج إلى إصلاحات شاملة لا تقتصر على الجانب المالي، بل تشمل أيضًا الإصلاحات السياسية والنقدية والاقتصادية، وهذا يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات الرسمية وتوحيد الموقف اللبناني في التعاطي مع صندوق النقد الدولي".

وحذّر من أن "تعدد الوفود اللبنانية وتناقض التصريحات أحيانًا يسبب تشويشًا في العلاقة مع الصندوق"، معتبرًا أن "الأفضل هو أن تكون هناك رؤية واضحة وموحدة بين وزارة المالية والمصرف المركزي، خصوصًا أنهما يعملان بشكل متكامل في الملفات الأساسية، ولا سيما في موضوع الدين العام الذي يبلغ نحو 16.5 مليار دولار، حيث أوضح كل من وزير المالية وحاكم المصرف للصندوق تفاصيل هذا الملف للوصول إلى صيغة واضحة للحل".

ولفت إلى أن "التعاون القائم بين وزارة المالية والمصرف المركزي كان موضع تقدير من قبل صندوق النقد، وتم الاتفاق على أن تتولى اللجنة المختصة توضيح الأرقام بشكل نهائي تمهيدًا للوصول إلى حلول عملية لموضوع الدين هذا. واعتبر الدكتور جباعي أن كل هذه الخطوات إيجابية، خصوصًا أننا مقبلون على موازنة عام 2026، فإذا كانت الجباية جيدة “قد نصل إلى صفر عجز، بل ربما نحقق فائضًا"، معتبرًا أن هذا الأمر “ليس مستبعدًا إطلاقًا، بل مؤكد إذا تعاونت كل الوزارات مع وزارة المال من خلال المكننة وآليات الرقابة الجديدة”.

وشدّد على أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ليس بعيد المنال، بل بات ممكنًا مع استمرار الحوار وتعاون الوزارات كافة مع وزارة المالية"، لافتًا إلى أن "المسار المالي يجب أن يترافق مع حلول سياسية تعيد الثقة بالاقتصاد الوطني".

وأوضح جباعي أن "نجاح الاتفاقات مع صندوق النقد والبنك الدولي مرتبط بمجموعة من الإصلاحات البنيوية والسياسية، إضافة إلى التفاهمات المطلوبة حول موقع لبنان ودوره، ما يجعل من الضروري مقاربة الملف بروح وطنية مسؤولة".

ووصف زيارة الوفد اللبناني إلى واشنطن بـ"الجيدة الى حد ما ووضعت الأمور على السكة الصحيحة على الرغم من المطالب المتكررة للصندوق الذي يتشدد دائماً بالموضوع التقني والقانوني"، مشيرًا إلى أن إقرار قانون الفجوة المالية وملف إعادة الودائع سيُسرّع في التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، شرط أن يتم ذلك من دون المساس بالمصلحة الوطنية أو بحقوق المودعين".

وأكد أن "الحكومة اللبنانية والمصرف المركزي متفقان على هذا المبدأ، بما يتناسب مع وضع لبنان القائم"، مشددًا على ضرورة أن تكون الحلول واقعية وتنسجم مع الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة في البلاد".

وختم جباعي مؤكدًا أن "لبنان يعوّل أيضًا على القروض الميسّرة من البنك الدولي، منها قرض بقيمة 250 مليون دولار يُنتظر إقراره قريبًا في المجلس النيابي، إضافة إلى قروض أخرى مخصصة لقطاعات حيوية"، لافتًا إلى أن "لبنان مطالب كذلك بالخروج من اللائحة الرمادية ضمن استحقاقات قادمة مطلوبة من الدولة اللبنانية، مؤكدًا أن “المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، ومن شأنها أن تضع الاقتصاد اللبناني على سكة التعافي وتطلق عجلة الاتفاقات الدولية".