اقليمي ودولي

السبت 25 تشرين الأول 2025 - 19:09

من البطل إلى المكسور... شهادة من داخل الجيش الإسرائيلي تكشف الانهيار بعد "طوفان الأقصى"

من البطل إلى المكسور... شهادة من داخل الجيش الإسرائيلي تكشف الانهيار بعد "طوفان الأقصى"

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن شهادة صادمة لجندي إسرائيلي يُدعى "غادي" (اسم مستعار)، تحدّث فيها عن الانهيار النفسي والاجتماعي العميق الذي يعيشه الجنود الإسرائيليون بعد عامين من القتال المتواصل عقب هجوم "طوفان الأقصى".


وبحسب الجندي، عاد المقاتلون من الجبهات "أنصاف بشر" يعانون العزلة، وتفكك عائلاتهم، وفقدان المعنى في حياتهم، بعدما تحولت الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي إلى عبء دمّر حياة الآلاف في ظل تجاهل حكومي لمعاناتهم.


وقال غادي في شهادته التي نشرها مركز الثقافة المتاحة في تل أبيب، إنه قاتل في غزة ولبنان وسوريا منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول 2023، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل تعيش اليوم أزمة هوية داخل الجيش والمجتمع، بعد انهيار صورة "الجندي البطل" لتحلّ محلها صورة المقاتل المنهك والضحية لحرب بلا نهاية.


يروي غادي: "كل من عاد من هذه الحرب، حتى من يبدون ناجحين ومستقرين، عادوا نصف إنسان. لا شيء في الداخل سوى الحطام".


وأوضح أنّ حياته انهارت من الداخل رغم مظهره الخارجي المتماسك، وأنه فقد القدرة على التواصل مع زوجته وأطفاله بعد عامٍ ونصف من القتال. وأضاف، "لا يمكن أن ترسل أبًا لأطفال صغار إلى حرب طويلة، ثم تعيده فجأة ليعيش كأن شيئًا لم يكن".


وأشار إلى أنّ عبارة "أحسنتَ صنعًا" التي يسمعها من محيطه باتت تثير غضبه لأنها تذكّره بـ"المظهر البطولي الزائف"، بينما يعيش داخله خرابًا نفسيًا عميقًا.


وقال إنّ عائلته اعتادت على غيابه حتى أصبح وجوده في البيت عبئًا، موضحًا، "عندما عدت، شعرت أنني ضيف غريب. الأطفال لا يعرفون كيف يتحدثون إليّ، وزوجتي أنهكتها المسؤولية والخوف الدائم".


يصف غادي الحروب المتكرّرة بأنها "لعنة لا بطولة"، موضحًا أن فكرة "المساواة في الأعباء" التي تروّج لها الحكومة الإسرائيلية مجرد خداع، قائلاً: "إنها مساواة في استغلال الحياة".


وأكد أن الخدمة الاحتياطية الطويلة دمّرت حياة الآلاف من الجنود الذين يعيشون بين الحرب والاضطراب النفسي، مشيرًا إلى أنّ هجوم "طوفان الأقصى" غيّر كل شيء داخل المجتمع الإسرائيلي، وأدخل الدولة في أزمة عميقة تتجاوز الميدان إلى تفكك اجتماعي ونفسي خطير.


وقال غادي: "ما يحدث الآن لا يشبه أي حرب سابقة. لم نعد كما كنا، لا نحن ولا عائلاتنا".


وحمل الجندي حكومته المسؤولية عن انهيار معنويات الجنود، معتبرًا أنّ إسرائيل "أرسلت أبناءها إلى حرب لا تنتهي، ثم تركتهم يواجهون مصيرهم وحدهم".


وأضاف أنّ "القيادة تظن أن منحة مالية أو تذكرة ليوم ترفيهي كفيلة بإصلاح حياة محطمة".


تشير الصحيفة إلى أن شهادة غادي ليست حالة فردية، بل تعبّر عن أزمة أوسع داخل الجيش الإسرائيلي، حيث يعاني كثير من الجنود من إنهاك نفسي وشعور باللاجدوى من حرب لم تنتهِ.


وقال الجندي في ختام شهادته: "نعم، سأعود إلى الجبهة إن استدعوني... لكن اعرفوا أن الثمن فادح. لقد عدنا أنصاف بشر".


وتكشف هذه الشهادة، بحسب "يديعوت أحرونوت"، عن صدمة وجودية تضرب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، انعكست في اضطرابات نفسية، وتفكك أسري، وتراجع الثقة بالدولة والقيادة.


إنها حرب لم تنهها إسرائيل ميدانيًا، لكنها كسرت جنودها من الداخل، وحوّلت ما كان يُقدَّم كنموذج للبطولة إلى رمز للانهيار الإنساني والمعنوي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة