يكثّف البيت الأبيض ضغوطه على الكونغرس الأميركي لإلغاء ما تبقى من العقوبات المفروضة على سوريا، محذراً من أن استمرارها قد يعرقل عمل الحكومة السورية الجديدة التي تعتبرها إدارة الرئيس دونالد ترامب حجر الأساس في استراتيجيتها الإقليمية.
فبعد عام تقريباً على الانتفاضة التي قادها أحمد الشرع وأطاحت بالنظام السابق، كان ترامب قد أصدر مرسوماً تنفيذياً ألغى بموجبه معظم العقوبات الأميركية، وفاءً بوعده في أيار الماضي بإتاحة "فرصة جديدة" أمام سوريا للعودة إلى المجتمع الدولي، بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية التي دفعت 90% من السكان إلى الفقر. إلا أنّ العقوبات الأشد، المفروضة بموجب "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، ما تزال سارية كون رفعها يتطلب موافقة الكونغرس.
وأُقرّ القانون الذي يحمل اسم المنشق السوري "قيصر" لتشديد الخناق المالي على النظام السوري ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات، إلا أنّ أصواتاً متزايدة داخل واشنطن تعتبر أنّ مبرراته الأخلاقية فقدت معناها، وأنه تحول إلى عبء اقتصادي على السوريين.
وفي منشور مطوّل على منصة "اكس"، قال المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك إن القانون "أدّى غرضه الأخلاقي ضد الأسد، لكنه اليوم يخنق أمة تحاول النهوض من الركام"، داعياً إلى إطلاق "أكبر خطة إعادة إعمار منذ أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية".
وبحسب موقع "مونيتور"، فإن البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والخزانة طالبوا الكونغرس صراحة بإلغاء القانون كلياً، في وقت يجري فيه توم براك اتصالات مباشرة مع عدد من كبار المشرعين الجمهوريين لحشد التأييد.
لكن الشكوك لا تزال قائمة تجاه حكومة الشرع التي تشكلت في تموز الماضي، إذ صوّتت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب على مشروع قانون يشترط تحقيق تقدم في مكافحة تهريب المخدرات وحماية الأقليات قبل رفع العقوبات.
الجهود لإلغاء العقوبات وحّدت مشرعين من الحزبين، إذ قادت السيناتور الديمقراطية جين شاهين والجمهوري جو ويلسون حملة مشتركة لإلغاء القانون، فيما انضمت منظمات سورية أميركية كانت قد أيدت القانون سابقاً إلى حملة تطالب بإنهائه.
في المقابل، يواصل اللوبي الإسرائيلي في واشنطن الضغط على المشرعين للإبقاء على العقوبات، باعتبار سوريا "تهديداً محتملاً لإسرائيل والأقليات في المنطقة".
وذكرت تقارير إعلامية أنّ مسؤولين إسرائيليين، بينهم رون ديرمر المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أجروا اتصالات مع أعضاء في الكونغرس لحثّهم على عدم تمرير أي تعديل يسمح بإلغاء القانون.
أما في مجلس الشيوخ، فقد أدرجت السيناتور شاهين تعديلاً ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني لإلغاء "قيصر"، بينما أضاف السيناتور ليندسي غراهام بنداً آخر يلزم الرئيس بالتصديق دورياً على التزام الحكومة السورية بشروط محددة، منها الامتناع عن أي عمل عسكري ضد إسرائيل وطرد المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية.
ويؤكد مسؤول في إدارة ترامب أنّ "الإبقاء على هذه الشروط سيُربك المستثمرين ويقوّض فرص التعافي الاقتصادي الكامل في سوريا"، متوقعاً أن تُرفع النسخة النهائية من القانون إلى الرئيس للتوقيع عليها قبل نهاية العام الجاري.