لكن الواقع على الأرض مختلف تمامًا.
منذ إطلاق المنصّة، يشكو المواطنون من عجزهم عن حجز موعد واحد، بالرغم من محاولاتهم اليومية الطويلة. أحد الشباب روى لـ"ليبانون ديبايت": حاولت أنا وشقيقي لمدة أسبوع متواصل، من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الخامسة بعد الظهر، مراقبة المنصّة لمحاولة التسجيل. لكن النتيجة كانت بانه لا مواعيد متاحة ولا قدرة على التقدّم خطوة واحدة في معاملتنا.
المفارقة الصادمة أنّه فور توجّه الشاب إلى أحد المكاتب المعنية بخدمات التسجيل، قيل له بوضوح: "منسجّلك على المنصّة مقابل 50 دولار". أي أنّ الخدمة الإلكترونية المجانية، التي أُنشئت لتقليص السماسرة، أصبحت نفسها بابًا جديدًا للسمسرة.
ولا يتوقف الأمر هنا، فبعض المواطنين يُجبرون على الانتساب إلى مدارس تعليم القيادة مقابل مبالغ تتراوح بين 100 و150 دولارًا إضافية، فقط لاستكمال معاملة دفتر السواقة أو تسجيل المركبة. أي أنّ المواطن لا يدفع الرسوم الرسمية فقط، بل يتحمّل كلفة مسار كامل من السمسرة المقنّعة والمسالك الالتفافية.
منصّة الدولة… سوق مفتوح؟
كان يفترض أن تكون المنصّة بوابة تنظيمية، لكن غياب الرقابة والشفافية حوّلها إلى سوق سمسرة علني. من يملك "واسطة" أو يدفع، يتقدّم؛ ومن لا يملك… ينتظر إلى ما لا نهاية.
والأسئلة المشروعة كثيرة:
أين الرقابة ومن يحاسب؟
أين آلية الشكاوى المباشرة؟
وكيف أصبحت خدمة من المفترض أن تكون مجانية مصدر رزق للوسطاء وتأمين نفوذ التحكم بـ"النظام"؟
رسالة إلى وزارة الداخلية وهيئة إدارة السير
المنصّة ليست مجرّد تطبيق، بل اختبار للثقة بين المواطن والدولة. وحين يشعر المواطن أنّه مضطر لدفع "إكرامية" كي يحصل على خدمة رسمية، فهذا ليس دولة، بل سوق مفتوح للسمسرة.
إنّ المنصّة ليست مجرّد تطبيق، بل فرصة لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة. وضبط آليات العمل، توفير الشفافية، وإتاحة آليات شكوى فعّالة، ليس رفاهية، بل خطوة ضرورية لضمان أن يحصل المواطن على حقوقه كاملة، دون تكاليف إضافية غير رسمية. فالدولة مدعوة اليوم لتثبت أنّ الخدمات العامة هي حق للمواطن، لا وسيلة للسمسرة أو الاستغلال.