كشفت نتائج "التقرير الثالث للشيخ" الذي عُرض خلال مؤتمر بن غوريون الثالث في إسرائيل، أن 52% من سكان منطقة النقب يفكرون في مغادرتها، في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تراجعاً حاداً في الالتزامات الحكومية وتدهوراً في مؤشرات الأمن والخدمات والتنمية.
ووفقاً للتقرير الذي يرصد قرارات الحكومة الإسرائيلية وسياساتها تجاه النقب، فإن حجم الالتزامات المالية المخصصة للمنطقة سينخفض بنسبة 88% بين عامي 2027 و2029، ما لم تُتخذ قرارات جديدة عاجلة لدعمها.
باستثناء ميزانية "تكوفا"، التي تمثل 91% من الالتزامات الإجمالية، فقد تراجع حجم الاستثمارات الحكومية في النقب بنسبة 70% خلال السنوات الأربع الماضية. كما لم تتجاوز المخصصات الموجهة إلى المجتمع البدوي 8.6% من إجمالي الالتزامات، في حين خُصّص أقل من نصف في المئة للنقب الشرقي.
وسجّل التقرير انخفاضاً حاداً في ميزانية الأمن المدني بنسبة 82.4%، فيما أظهر استطلاع موازٍ أن 44% من السكان قلقون بشأن أمنهم الشخصي — رغم أن النسبة انخفضت مقارنة بالسنوات السابقة.
وفي المقابل، تراجعت ميزانيات الاقتصاد والتوظيف بنسبة 74.2%، وهو ما يعمّق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، خصوصاً أن أكثر من نصف سكان النقب أقرّوا بأن الحلول الاقتصادية وفرص العمل النوعية قد تدفعهم للبقاء.
أما في ما يتعلق بجودة الحياة، فقد أعرب 36% فقط من سكان النقب عن رضاهم عن الحياة المجتمعية، في حين أظهر الاستطلاع أن 59% من المشاركين لديهم ثقة منخفضة بالحكومة و36% فقط يثقون بالشرطة.
ويُظهر التقرير أيضاً أن ميزانية الرفاهية والمناعة المجتمعية انخفضت بنسبة 48%، ما يفاقم من شعور السكان بالإهمال والتهميش.
رغم بعض مؤشرات النمو في مناطق محددة مثل نيتيفوت (+60%)، أوفاكيم (+45%)، وبني شمعون (+18%)، فإن مدنًا كبرى مثل بئر السبع تشهد ركودًا شبه تام مع زيادة سكانية لا تتعدى 540 نسمة في عقدٍ كامل، بينما سجلت إيلات تراجعًا ديموغرافيًا بنسبة 10.5%.
حلّل التقرير 20 قرارًا حكوميًا لا تزال سارية المفعول تتضمن التزامات مالية إجمالية تقارب 13.9 مليار شيقل للفترة 2025 – 2029، لكنه حذّر من أنه منذ عام 2015 لم تتخذ الحكومة قرارات جديدة تخصّ النقب باستثناء ميزانية "تكوفا".
ودعا معدّو التقرير الحكومة الإسرائيلية إلى صياغة سياسة شاملة ومستدامة تضمن الاستمرارية في التخطيط والتمويل لما بعد عام 2026، معتبرين أن “النقب بحاجة إلى رؤية وطنية جديدة توازن بين التنمية الاقتصادية والأمن المجتمعي”.
أُجري الاستطلاع الشامل لسكان النقب في آب 2025 على عيّنة من 329 شخصًا من المجتمعين اليهودي والعربي عبر معهد "IPanel". وأظهرت نتائجه ارتفاع نسبة الراغبين في مغادرة النقب إلى 52%، بزيادة 14% خلال عام واحد فقط، مقارنة بـ38% في العام الماضي.
وأكد نصف المشاركين أن الحوافز الاقتصادية وفرص العمل النوعية هي العامل الأساسي لبقائهم في المنطقة، بينما عبّر 39% عن قلقهم من الوضع الأمني على حدود غزة، و38% من السلامة المرورية.