اقليمي ودولي

سكاي نيوز عربية
الخميس 30 تشرين الأول 2025 - 15:31 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

المواقع الأثرية ضحية تغيّر المناخ... آثار العراق يتآكل

المواقع الأثرية ضحية تغيّر المناخ... آثار العراق يتآكل

يدقّ مسؤولون عراقيون ناقوس الخطر لإنقاذ آثارٍ تجسّد حضاراتٍ عريقة، إذ يواجه تاريخ يمتدّ لآلاف السنين خطر الاندثار بفعل التآكل الناتج عن تغيّر المناخ، الذي يهدّد المدن القديمة جنوبي العراق.


ففي ظلّ الطقس الجافّ وازدياد ملوحة التربة، تتعرّض المواقع الأثرية في مدنٍ مثل أور – مسقط رأس النبي إبراهيم – وبابل التي كانت عاصمةً لإمبراطوريات عظيمة، لتلفٍ متسارعٍ يطال طوب اللبن المستخدم في بناء معالمها التاريخية.


ويحذّر خبراء من أنّ رواسب الملح بدأت تنخر جدران المقبرة الملكية في أور، التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي في عشرينيات القرن الماضي، وهي اليوم مهدّدة بالانهيار الكامل.


وقال كاظم حسون، المفتّش في دائرة الآثار بذي قار: "هذه الأملاح ظهرت نتيجة الاحتباس الحراري، والتغيّر المناخي دمّر أجزاءً مهمة من المقبرة، إضافة إلى أجزاء أخرى من مدينة أور الأثرية. هذه الظواهر تعمل حاليًا على إنهاء المباني الموجودة نتيجة الملوحة والمياه الجوفية والحرارة الشديدة والجفاف العام بالمنطقة".


وأضاف: "هذه الأملاح ستتسبّب بانهيارات تامّة للطوب اللبن في المقبرة، والدليل واضح: التآكل المستمرّ في اللبنات يؤدي إلى خسفات وفتحات يمكن أن تتسبب بانهيارٍ مفاجئ للمبنى".


وقد تدهور بالفعل الجانب الشمالي من زقورة أور – المعبد الهرمي الضخم المكرّس لإله القمر نانا – نتيجة الكثبان الرملية والعواصف التي تضرب المنطقة منذ سنوات.


بدوره، قال عبد الله نصر الله، عالم الآثار في دائرة الآثار بمحافظة ذي قار:


"الزقورة فقدت عشرة أمتار من ارتفاعها الأصلي البالغ 27 مترًا، والتآكل بدأ يطال الطبقة الثانية بعد أن تضرّرت الطبقة الثالثة بفعل العوامل الجوية".


وأوضح أنّ الرياح الشمالية تُعدّ العامل الأوّل في تآكل أجزاء البناء، خصوصًا أنّ الكثبان الرملية في الجهة الشمالية تحوّلت إلى غبارٍ ورياحٍ حادّة تسرّع عملية التآكل.


ولا يزال هذا المعبد المهيب المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي من أبرز الشواهد على العمارة السومرية القديمة وممارساتها الدينية.


وفي بابل أيضًا، تتعرّض المواقع الأثرية لتدهورٍ متسارع نتيجة ارتفاع الملوحة في التربة، في وقتٍ تشكو فيه وزارة الثقافة العراقية من نقص التمويل اللازم لأعمال الصيانة والترميم.


وقال المدير العام في الوزارة منتصر الحسناوي إنّ الملوحة العالية تؤثّر على المواد الطينية التي استُخدمت في البناء قبل آلاف السنين، موضحًا أنّ "عمليات الترميم الخاطئة في العقود السابقة جعلت الأبنية أكثر هشاشة أمام تغيّرات المناخ".


وأضاف الحسناوي وهو ممسكٌ بأحد الأحجار القديمة:


"هذه الأحجار عمرها أكثر من 2500 عام ولا تزال الأختام واضحة عليها. البناء القديم كان يعتمد على مواد محلية قليلة الملوحة، لكنها اليوم أصبحت أكثر تأثرًا بسبب التغييرات المناخية والمعالجات الخاطئة".


وأشار إلى أنّ التملّح المتزايد في المياه السطحية والجوفية قد يؤدي إلى اندثار العديد من المدن الأثرية التي لا تزال مدفونة تحت التراب، داعيًا إلى "استثمار حالة الأمان النسبي التي يعيشها العراق حاليًا لجذب بعثاتٍ أجنبية متخصّصة في الترميم والتنقيب".


واختتم الحسناوي بالتشديد على أنّ "الآثار العراقية بمجملها تستدعي دقّ ناقوس الخطر والانتباه لها، من أجل إنقاذ إرثٍ حضاريٍّ هو من الأعظم في تاريخ الإنسانية".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة