أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بياناً جاء فيه: "لا شيء يصف المذبحة التي تطال جوهر سيادة لبنان ومواثيقه وقدوة شبابه الوطني، جراء أسوأ أشكال الحرب الاستنزافية التي تخوضها تل أبيب ضدّ الأعمدة الوطنية التي تضمن بقاء لبنان. وكالعادة، لا ثمن أكبر مما يقدّمه أهل الجنوب الذين يرفعون أعظم القرابين في سبيل هذا البلد وتأمين بقائه، وسط أزمة وطنية تطال الكثير من القوى السياسية التي تتعامل مع الجرائم الصهيونية وكأنها غير موجودة.
الموقف مصيري، واللعبة مكشوفة، والمشروع يفترض زيادة وتيرة العدوان والقتل لإخضاع لبنان السيادي. ولن نترك مصير لبنان، ولدينا كلّ الثقة بمستوى التضحيات التي تنتظر لحظة الفحص الأكبر، إلا أنّ المستوى السياسي والتيارات والقوى ومراكز الثقل الوطني يجب أن تفهم أنّ اللعبة مشروع أميركي يريد ابتلاع لبنان.
التضامن الوطني هنا ليس مجرد موقف، بل سياسات وطنية وشعبية شاملة، ولبنان الرسمي والسياسي والشعبي والوطني يستطيع أن يفعل الكثير. توم برّاك، ممثل المشروع الأميركي، يتعامل مع لبنان بخفّة وإذلال وشماتة، ويدوس صميم الكرامة الوطنية، ويدير الملف الذي يحمله وكأنه عقار تجاري تافه. وهو شخصية ابتزازية لا وفاء لها ولا ثقة بها، ولا يصلح وسيطاً، بل هو شديد الانحياز لتل أبيب.
وهنا يجب أن يفهم الجميع أن إسرائيل وحش لا يحترم اتفاقية ولا تسوية، وأنّ تل أبيب لا تفرّق بين طائفة ووطن، ونزعتها لا تشبع من العدوان والسيطرة، ولا يمنعها من ذلك إلا وجود القوة المضادة وحجم الأثمان. وأيّ صمت أو التزام يدفعها إلى المزيد من الوحشية والقضم، وما يجري في سوريا ولبنان دليل واضح على ذلك.
هذا الواقع يفترض تكريس القوة الوطنية لا التفريط بها، ويدفع نحو توظيف القدرات اللبنانية ضمن مشاريع وطنية سيادية تؤكد أن لبنان وحدة سيادية وجبهة شاملة. ولا سند أعظم للقدرات الدفاعية السيادية مثل الوحدة الوطنية، ولا سيما وحدة الموقف الرسمي. فالصمود هنا بحجم وطن، وعدم الاستسلام السياسي وظيفة وطنية كبرى، والإسلام والمسيحية في هذا المجال ضرورة تكوينية للبنان السيادة والتاريخ والمصير والشراكة والعائلة الواحدة".
وتابع: "لا ضرورة أكبر من تدشين سياسات وطنية تضامنية وسيادية تعمّ لبنان. الجنوب ميزان لبنان، إلى أين؟ ومصير بيروت من صميم مصير الجنوب. لبنان الرسمي والشعبي والسياسي والإعلامي والكنيسة والمسجد كلّها معنية بموقف يليق بما يجري على أخطر جبهات لبنان. وإذا كانت بيروت حلم لبنان الأبدي، فإنّ الجنوب هو الحارس السيادي الضامن لحلم لبنان، واللحظة لحماية هذا الحلم الوطني بعيداً عن الحسابات السياسية الضيّقة التي لا تليق بما تفترضه أثمان حماية لبنان".