المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الاثنين 03 تشرين الثاني 2025 - 07:00 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

أسابيع حاسمة: ما بعد 27 تشرين الثاني ليس كما قبله

أسابيع حاسمة: ما بعد 27 تشرين الثاني ليس كما قبله

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


بموازاة الضغط العسكري، أفتتح مسار سياسي مدفوع أميركياً ويحظى بدعم عربي، تحت سقف ما بات يُسمى «مؤتمر شرم الشيخ للسلام». والمفارقة أن الفريقين، الأميركي والعربي، يطرحان أفكاراً مختلفة من جهة الشكل، لكنها في المضمون، تصب في الخانة نفسها: فتح باب التفاوض بين لبنان وإسرائيل.

لبنان بدا متفهّماً لهذه الرسائل، وقدم إشارة إيجابية حول آلية التفاوض لحاجته الماسة لإنهاء حالة التوتر التي تسعى إسرائيل إلى توسيعها وتعميقها. لذلك اتخذ الرؤساء الثلاثة خيار قبول بند التفاوض، لكن بصيغة غير مباشرة، عبر توسيع آلية المراقبة الخماسية الـ«ميكانيزم». ومن الواضح أن لبنان قبل بضم عناصر مدنية إلى هذه الآلية على شكل خبراء فنيين، لا كمسؤولين رسميين عن الدولة، ووضعت ذلك بنداً ثانياً على جدول أعمال الملف.


تذويب "المسارات"


في ضوء هدف المفاوضات، حضرت المستشارة في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة مورغان أورتاغوس إلى بيروت. وفي الإطار نفسه، قرّر السفير المكلف بملف لبنان، توم براك، تعويض زيارته الملغاة إلى لبنان بالمشاركة في منتدى حوار المنامة. من هناك بعث برّاك برسائل "ثقيلة" إلى بيروت.


ذلك ليس جديداً. يرى براك أن قوة الرسائل المرسلة لِلبنانيين من الخارج قد تكون أكثر تأثيراً من إرسالها من داخل لبنان. لذلك وصف لبنان بـ«الدولة الفاشلة»، لكنه ربط إمكانية الخروج من التصنيف عبر الانخراط في مسار تفاوضي مع إسرائيل، مبلغاً بيروت "على طريقته" بأن إسرائيل "جاهزة للتوصل إلى إتفاق حدودي مع لبنان".


كلا من براك وأورتاغوس لا يعتمدان مواقف شخصية بقدر ما ينطلقان من رؤية أميركية أوسع تعمل إدارة الرئيس الأميركي على ترسيخها في المنطقة، مستمدة من الرؤية "النتنيايوهية" ايضاً. فكلام برّاك حول إتفاق حدودي لا يعني إتفاقاً للسلام إنما ترتيب أمني وفق المخرج ذاته المطروح مع سوريا.


على المستوى العملي، تنطلق الرؤية الأميركية من فكرة فتح باب التفاوض. وينقل "زوار واشنطن" إلى "ليبانون ديبايت" إن الهدف الأميركي الراهن هو بدء مفاوضات، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وإذا قبل لبنان حتى الآن مساراً غير مباشر، فإن هذا المسار قد يقود تدريجياً إلى مسار مباشرة لاحقاً، لأن البنود المطروحة ستحتاج في نهاية المطاف إلى مسار مباشر لحسمها. وباختصار، تبدو واشنطن قد خرجت من «حالة الظروف التقنية» العالقة بين تصنيفات "مباشر وغير مباشر"، وتعمل الآن على تذويب الموانع التي تحول دون انخراط لبنان في مسار تفاوضي.


فكرة «التذويب» تستند إلى فهم المسارات السياسية المدعومة عسكرياً. فعندما طرحت أورتاغوس فكرة التفاوض (المباشر وغير المباشر) في زيارتها، انطلقت من مخاوف لبنانية من تجدد الحرب، ومن رغبة مستجدة داخلياً في السير في طريق المفاوضات لإيجاد حل للوضع الحدودي. ومن هنا جاءت موافقة الأميركيين على توسيع الميكانيزم ليشمل خبراء تقنيين مدنيين وعسكريين ومتخصصين في القانون الدولي.


يرى الفريق الأميركي لملف الشرق الأوسط أن توسيع هذه الآلية إلى لجان خبراء قد يحولها تدريجياً إلى منصة تفاوضية مباشرة، ما يتطابق والإستراتيجية الأميركية.


مبادرة عربية "قيد الدرس"


في المسار الثاني، تبلورت مبادرة عربية تقودها مصر. يتولى مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد الذي زار بيروت الأسبوع الماضي تسويقها.


التقى رشاد عدداً من المسؤولين، أهمهم رئيس الجمهورية جوزاف عون، وعرَض أمامه الخطوط العامة – العريضة للأفكار التي تروّج لها القاهرة، والتي تهدف إلى توفير ضمانات للبنان تُسهِم في انسحاب القوات الإسرائيلية من النقاط الخمس المحتلة ووقف الاعتداءات.


الأولوية الأمنية لزيارة رشاد تجسدت في لقاءات ضمّت المدير العام للأمن العام اللواء حسين شقير ومدير المخابرات، العميد طوني قهوجي، سعياً لترويج المبادرة المصرية على نحو شبيه بما عملت عليه في غزة. وتُجرى مشاورات سياسية داخلية ومع حزب الله حول المبادرة، ويفترض أن يكون الأسبوع الجاري حاسماً.


تبدو القاهرة مهتمة بآلية شبيهة بما عملت عليه في قطاع غزة مع حركة حماس. ومن خارج ما يتداول، تبدو الأفكار أقرب إلى إقناع حزب الله بتجميد مسار إعادة البناء العسكري مقابل التزام إسرائيلي بالانسحاب من النقاط المحتلة ووقف سياسة الاغتيالات. وبعدما يسلك المسار طريقه مع الأميركيين والإسرائيليين عبر الـ"ميكانيزم".


لكن القاهرة ليست وحدها القادرة على توفير الضمانات. إذ أن إسرائيل ترفض أساساً وقف سياسة الاغتيالات أو القبول بهدنة مع لبنان. لذا تلعب واشنطن دور الوسيط الحاسم. وأبلغت القاهرة أنها ستعمل مع الأميركيين والإسرائيليين في هذا الإطار.


إحتمالات التصعيد


المسار الثالث هو المسار العسكري. ما يجري الآن يمكن قراءته كتفاوض «تحت النار» تقوم إسرائيل بتنفيذ جانبه الميداني بشكل إحادي حيث تفرض شروطها بينما لبنان يتلقى الضربات. لذلك من المتوقع أن يزيد الإسرائيليون من نطاق الضغط العسكري حتى نهاية العام بالتوازي مع إعادة تشكيل برنامجهم العملي تجاه لبنان وحزب الله. إذ تسربت معلومات عن بحث تل أبيب نماذج جديدة للتعامل مع لبنان، بما في ذلك تنويع عمليات الاستهداف وزيادتها.


وتتعمد إسرائيل تسريب أجواء حربية توحي بالاستعداد لشن حرب، كما تعمل على صياغة «معادلات ما بعد الحرب» وتنفيذها. في المقابل. وفي تلازم جوهري، تتقصد السفارة الأميركية في بيروت التشدّيد على مهلة نهاية العام الجاري لحصر السلاح والمتخذة من جانب الحكومة. لذا، هناك إعتقاد واضح لدى الساسة والأمنيين في لبنان، مفاده أن طريقة التعامل ما بعد 27 تشرين الثاني المقبل موعد الذكرى السنوية الأولى لما يسمى "إتفاق وقف الحرب" ستختلف عمّا بعده.


آخر التحذيرات الإسرائيلية وردت عن لسان وزير خارجيتها، جدعون ساعر، من أن أي هجمات لحزب الله تستهدف «شمال إسرائيل» سيقابلها قصف لبيروت. وهو تحذير ينبع من خشية إسرائيلية حقيقية إزاء احتمال شن هجمات مع اقتراب الذكرى السنوية للحرب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة