"ليبانون ديبايت"_ محمد علوش
تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء المقرّرة يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، والتي توصف في الأوساط السياسية بأنها من أكثر الجلسات حساسية منذ تشكيل حكومة نواف سلام. فجدول الأعمال يتضمن بندين أساسيين: الأول يتعلق بتقرير الجيش حول تنفيذ خطته في الجنوب، والثاني بمسار تعديل قانون الانتخاب، وخصوصاً مسألة تصويت المغتربين.
في ما يتصل بالشق الانتخابي، تفيد مصادر وزارية بأن اللجنة الوزارية المكلّفة إعداد المقترحات الخاصة بالقانون ستقدّم تقريرها خلال الجلسة، علماً أن جلستها الأولى ستُعقد اليوم الثلاثاء. وتشير المصادر عبر “ليبانون ديبايت” إلى أن النقاش سيتركز على ما إذا كانت الحكومة ستتجه إلى إلغاء المقاعد المخصصة للاغتراب واعتماد تصويت المغتربين لكامل أعضاء المجلس النيابي (128 نائباً)، أو ستبقي على النصوص الحالية التي تفصل المقاعد الستة الخاصة بهم، أو ستسير بتسوية للملف يجري العمل عليها قبل الجلسة، استكمالاً لتسوية أولى أدت في الجلسة الماضية إلى تكليف اللجنة بإعداد تقريرها في هذا المجال.
وبحسب المصادر الوزارية، لا شيء يضمن التسوية أو الانفجار حالياً، فالأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، كون الملف ليس خاضعاً فقط لاعتبارات داخلية بل خارجية أيضاً، نظراً لأهمية الانتخابات النيابية المقبلة. وتشدد المصادر على أن الخطاب العلني الذي تحتاجه الحملات السياسية والانتخابية لا يعكس بالكامل النقاشات الدائرة داخل الغرف المغلقة.
موقف “القوات اللبنانية” العلني يزداد تشدداً في هذا السياق، إذ يعتبر الحزب أن رئاسة المجلس تعمد إلى المماطلة في إدخال التعديلات المطلوبة، ويتهم الحكومة بالتلكؤ في إحالة مشاريع القوانين ضمن المهل المحددة. ومؤخراً، وبعد أن وجّه رئيس الحزب سمير جعجع انتقادات حادة للحكومة، ألمح إلى احتمال انسحاب وزراء “القوات” من الجلسة إذا تم تمرير تسوية لا تتوافق مع توجهاتهم، وربما يتجه أيضاً إلى تعليق المشاركة الوزارية بالكامل.
هذا الاحتمال لا يُستبعد سياسياً، إذ تشير مصادر متابعة إلى أن “القوات” تدرس فعلاً خيار الانسحاب من الحكومة في مرحلة لاحقة، انطلاقاً من قناعتها بأن موقع المعارضة أكثر فاعلية بالنسبة لها في الشارع المسيحي، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي. فالحزب لا يرغب في خوض الانتخابات من موقع المشاركة في حكومة تعتبرها شريحة من جمهوره غير قادرة على تحقيق الحد الأدنى المطلوب منها في هذه المرحلة. وترى المصادر أن تصعيد “القوات” بوجه رئيس الجمهورية مؤخراً لا يمكن فصله عن الموقف العام من الانتخابات المقبلة.
أما البند المتعلق بتقرير الجيش، فسيكون بدوره محط أنظار، خصوصاً بعد قرار رئيس الجمهورية تكليف الجيش التصدي للتوغلات الإسرائيلية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن التقرير سيتناول تفاصيل الخطة الميدانية في الجنوب، وسيعرض ما تحقق خلال الشهر الماضي، متضمناً عرضاً لمراكز عسكرية وضع الجيش يده عليها، وتفاصيل حول كيفية تنفيذ قرار تكليفه مواجهة الخروقات الإسرائيلية انطلاقاً من العدوان على بلدة بليدا.
في هذا الشق أيضاً، سيكون لـ”القوات اللبنانية” موقف تصعيدي داخل الجلسة، خصوصاً بعد اعتراض رئيس الحزب على قرار رئيس الجمهورية ورفضه فكرة تكليف الجيش بهذه المهمة. واللافت أن “القوات اللبنانية”، التي كانت من أبرز المطالبين بأن يتولى الجيش مسؤولية الدفاع عن الحدود وحصرية السلاح، تبدي اليوم تحفظات واعتراضات على تكليفه رسمياً بهذه المهمة. وتبرّر مصادر الحزب موقفها بالقول إن الجيش لا يمتلك الإمكانات الكافية لمواجهة مباشرة مع إسرائيل، وإن الزجّ به في هذا النوع من المواجهات يعرّضه لمخاطر تفوق قدرته، غير أن هذا التبرير يفتح الباب أمام نقاش سياسي أوسع حول ثبات مواقف القوى اللبنانية من مبدأ حصرية السلاح ودور الدولة في إدارة الصراع مع إسرائيل. فهل كانت الدولة قوية في نظرهم حين طالبوا بنزع سلاح المقاومة لتتولى هي الدفاع، واليوم لم تعد كذلك؟
هذا النقاش سيكون حاضراً على طاولة الحكومة، علماً أن “الثنائي الشيعي” كان من أبرز المرحّبين بقرار الرئيس عون، في حين كان يُتَّهم هذا الفريق سابقاً بأنه لا يريد للجيش أن يشارك في عملية الدفاع عن لبنان من أجل الاحتفاظ بسلاحه.
الجلسة المنتظرة مرشحة لأن تكون “محل اشتباك” بين أكثر من طرف، بين الحكومة ومجلس النواب حول قانون الانتخاب، وبين القوى السياسية داخل الحكومة نفسها حول ملف الجيش والحدود. وبالتالي ستجد الحكومة نفسها مجدداً أمام اختبار جديد لقدرة أطرافها على الحفاظ على تماسكها، خصوصاً إذا فشلت مساعي التسوية الحالية الرامية إلى تخفيض حدّة الصراع حول قانون الانتخاب.