بعد أيام قليلة على إسقاط القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي في السادس والتاسع من آب 1945، وما تبعهما من دمار هائل ومقتل مئات الآلاف، أعلنت اليابان في الخامس عشر من الشهر نفسه استسلامها غير المشروط، منهيةً بذلك الحرب العالمية الثانية.
غير أن هذا القرار لم يحظَ بإجماع داخل المؤسسة العسكرية اليابانية، إذ شكّل صدمة لكبار ضباط الجيش والبحرية الذين رأوا فيه نهاية مهينة للإمبراطورية. ومن بين هؤلاء، كان نائب الأدميرال ماتومي أوغاكي (Matome Ugaki) الذي اتخذ قرارًا فريدًا في التاريخ العسكري الحديث: تنفيذ آخر عملية "كاميكازي" في الحرب العالمية الثانية.
وُلد أوغاكي في 15 شباط 1890 في أوكيناوا، وتخرّج من المدرسة البحرية اليابانية قبل أن يتخصّص في المدفعية البحرية، ثم التحق بمعهد الحرب البحرية ليصبح لاحقًا من أبرز القادة في سلاح البحرية الإمبراطوري. وخلال سنوات ما قبل الحرب، تولّى قيادة عدد من السفن الحربية، وكان مقرّبًا من الأدميرال الشهير إيزوروكو ياماموتو، مهندس هجوم بيرل هاربر عام 1941.
ومع اندلاع الحرب، رُقّي أوغاكي إلى رتبة نائب أدميرال، وتولّى رئاسة أركان الأسطول المشترك الياباني، ثم قيادة أسطول الطيران الخامس الذي أشرف من خلاله على عمليات "الكاميكازي" الانتحارية ضد الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، ما أدى إلى فقدان أعداد كبيرة من الطيارين اليابانيين المتمرّسين.
لكن في اليوم الذي أعلنت فيه اليابان استسلامها، 15 آب 1945، رفض أوغاكي القرار وقرّر أن ينفّذ بنفسه آخر هجوم انتحاري ضد السفن الأميركية قرب أوكيناوا. صعد إلى طائرته من نوع Yokosuka D4Y مرتديًا بزّة خضراء خالية من الأوسمة العسكرية، حاملاً سيفًا أهداه له ياماموتو شخصيًا.
وفي اليوم التالي، عُثر على حطام طائرته قرب شاطئ إيهيا شمال أوكيناوا، وبجواره ثلاث جثث، إحداها مطابقة لمواصفاته، ما رجّح مقتله خلال العملية التي لم تُسفر عن أي إصابات في الجانب الأميركي. وهكذا، سُجّل ماتومي أوغاكي في التاريخ كآخر مسؤول عسكري ياباني كبير يلقى حتفه في الحرب العالمية الثانية، وآخر من نفّذ عملية "كاميكازي" رسمية.