استقبل وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى في مكتبه في اليرزة، اليوم، وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز على رأس وفدٍ مرافق، بحضور السفير الهولندي في لبنان فرانك مولن.
وخلال اللقاء، تمّ توقيع اتفاقية تعاون دفاعي بين وزارتي الدفاع في لبنان وهولندا، تهدف إلى تعزيز الشراكة العسكرية وتبادل الخبرات في مجالات التدريب، البنى التحتية، نزع الألغام، الطبابة، وضبط الحدود.

وألقى الوزير منسى كلمةً رحّب فيها بنظيره الهولندي والوفد المرافق، مثمّنًا عمق الصداقة والشراكة بين لبنان وهولندا، والدعم المستمر الذي قدّمته المملكة للبنان في المجالات الاقتصادية والإنسانية والعسكرية.
وأكد منسى أنّ لهولندا دورًا بارزًا في إطار قوات الأمم المتحدة المؤقتة في الجنوب (اليونيفيل) بين عامي 1979 و1985، حيث قدّمت تسعة شهداء من جنودها في سبيل السلام. كما أشاد بمشاركة هولندا ضمن فريق المراقبين الدوليين، ومساهمتها في إنشاء مديرية التعاون العسكري – المدني، إضافةً إلى دعمها الدائم للجيش اللبناني في تطوير قدراته وتحديث البنى التحتية ونزع الألغام وتطوير الطبابة العسكرية وضبط الحدود.
وتوقّف منسى عند موقف هولندا التضامني بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، معبّرًا عن تقديره لوقوفها إلى جانب لبنان في تلك المرحلة الصعبة، ومستذكرًا الشهيدة السيدة هيدويغ والتمنس – موليير، عقيلة السفير الهولندي السابق، التي استشهدت في الانفجار.

من جهته، أكّد الوزير بريكلمانز عمق العلاقات التاريخية بين لبنان وهولندا، مشدّدًا على حرص بلاده على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الدفاعية والإنسانية، وعلى استمرار دعمها للجيش اللبناني تقديرًا لدوره في الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي، وتعاونه المثمر مع قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب.
غادر وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز مطار رفيق الحريري الدولي، بعد زيارة رسمية إلى لبنان التقى خلالها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ووزير الدفاع اللواء ميشال منسى، حيث تمّ توقيع مذكرة تفاهم لتقديم الدعم للجيش اللبناني.
كما زار الوزير الهولندي قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان، وجال على عددٍ من القرى الجنوبية المتضررة. وكان في وداعه في المطار ممثل الوزير منسى العميد جرجس الغزي، والعميد جاد أبي راشد ممثلًا لقائد الجيش العماد رودلف هيكل.

وفي تصريحٍ إلى الإعلاميين، أكّد بريكلمانز أنّ زيارته تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون مع لبنان، ولا سيّما لجهة دعم الجيش اللبناني وتقديم المساعدة له في مختلف المجالات، خصوصًا في التدريب واستعادة قدراته وتعزيز الثقة بينه وبين المواطنين.
وأعلن عن تقديم مساعدة مالية بقيمة 7.5 مليون دولار أميركي للجيش اللبناني، مؤكّدًا أنّ هولندا تعتبر دعم الجيش "أساسًا للاستقرار الداخلي والإقليمي".
وشدّد الوزير الهولندي على أهمية الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701 باعتباره "أساس أي اتفاق سلام دائم"، لافتًا إلى أنّ بلاده تعمل دبلوماسيًا على حثّ جميع الأطراف المعنيين على احترام القرار وعدم انتهاكه.
وأضاف أنّ من الضروري أيضًا "تعزيز الاقتصاد اللبناني وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بما يتيح للبنان الاستفادة من دعم صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي لاستعادة النمو الاقتصادي".
وفي ما يتعلق بمسار تنفيذ خطة نزع السلاح في الجنوب، قال بريكلمانز: "الأمر بلا شكّ يشكل تحديًا كبيرًا، لكن ما رأيته حتى الآن يوحي بوجود تقدّمٍ واضح في المرحلة الأولى التي يُفترض أن تُنجز قبل نهاية هذا العام، وهو أمر مثير للإعجاب".
وأضاف: "أعلم أن المراحل المقبلة ستكون أكثر صعوبة، لذلك من المهم أن يلتزم الجميع بالخطة، لأنّ أي خرق من إسرائيل سيجعل تنفيذ المراحل اللاحقة أكثر تعقيدًا. وكما قلت، لا أثق بحزب الله، لكن المرحلة الأولى تسير بشكل جيّد حتى الآن، وهذا يبعث على بعض الأمل".
وأوضح الوزير الهولندي أنّ بلاده، من خلال تعاونها مع لبنان، "تسعى لتثبيت إطارٍ شاملٍ يمهّد للسلام والاستقرار، ويضمن التزام جميع الأطراف باتفاق وقف إطلاق النار"، مشيرًا إلى أنّ هولندا تتواصل مع إسرائيل والولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين لتشجيع الجميع على احترام الاتفاق وتنفيذ بنوده بالكامل.
وختم بالقول: "نحن نلاحظ انتهاكاتٍ متكرّرة، لكنها لا تعني انهيار الإطار العام. هناك تقدم يُحرز أيضًا ويجب إظهاره للرأي العام، لأنّ السلام لا يتحقق إلا عبر الالتزام بالخطة وعدم وجود بدائل قابلة للتطبيق".