ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وقال في شقّها السياسي إن التجربة الإقليمية الدولية النهائية وضعت اللبنانيين أمام حقيقة وطنية مفادها أنه لا بديل عن لبنان، وإن أيّ تجاوز لهذه الحقيقة يضع لبنان وشعبه في قلب الخنادق والضياع.
وأكد أن الخصومة الداخلية يجب أن تبقى تحت مبدأ حماية لبنان وتأمين شروط الشراكة الوطنية والسيادة اللبنانية، بعيدًا عن لعبة الشعارات والكمائن والصفقات السياسية، مشيرًا إلى أن على البعض فهم خطورة المرحلة حتى لا يسقطوا في الامتحان الوطني، خاصة أن لبنان بلد صغير بإمكانات قليلة وواقع إقليمي معقّد، والحلّ بتأكيد الهوية اللبنانية بعيدًا عن شهوة السلطة والمال والخوّة الانتخابية والحقد المدفوع ومشاريع الأمركة التي لا تنتج إلا الفوضى والخراب.
وشدّد قبلان على أن ما يحتاجه لبنان اليوم هو وحدة وطنية في وجه إسرائيل وعدوانها، ويقظة وطنية في مواجهة الخرائط الخارجية التي تستهدف لبنان إقليميًا وعلى حساب كل اللبنانيين، معتبرًا أن القضية هي قضية لبنان لا طائفة، وأن الندامة لا تنفع، وأي خطأ سيضع البلاد في قلب "الكوارث القعرية".
ورأى أن لا قوة أكبر للبنان من تجيير الوحدة الوطنية لدعم جهود الأمن والدفاع الوطني، بعيدًا عن الالتزامات الخارجية "المدمّرة"، مؤكدًا أن اللحظة تتطلب أن يكون اللبنانيون عائلة واحدة: إسلامًا ومسيحية، سنة وشيعة ودروزًا وطوائف مسيحية، وداعيًا المساجد والكنائس وبيوت العبادة إلى مواقف تليق بحماية لبنان من "الإرهاب الصهيوني" والمشاريع الأميركية التي تقود، بحسب قوله، أخطر المشاريع الإقليمية لخراب دول الطوق بهدف حماية إسرائيل وتوسيع مشروعها.
كما أكد أن الأحزاب والقوى اللبنانية مطالَبة بموقف صريح مما يجري في الجنوب والبقاع وفي واقع البلد السيادي، محذّرًا من خطورة الصمت السياسي المقصود، ولا سيما صمت الشخصيات والقيادات التي انسحبت عمدًا من المشهد. وطالب الحكومة اللبنانية بإعلان مواقف جريئة على مستوى التضامن السيادي ودعم المواطن الجنوبي والبقاعي وحماية القرار الوطني.
وفي الشأن الداخلي، دعا قبلان إلى سياسات اجتماعية وصحية وتربوية وأمنية تضع الدولة في قلب المسؤولية الاجتماعية، مؤكدًا أنه لا نهوض للبنان من دون سياسات إنمائية اجتماعية واقتصادية، وأن اللحظة تتطلب تشغيل الإدارات العامة بفعالية وكبح الفساد فيها، مشيرًا إلى أن الشعارات لا تكفي والنوايا لا تفيد. ورأى أن الحل يكون عبر حكومة خدمات عامة، وإدارات خدمية، وقدرات تشغيلية، وتطوير تقني رقمي، مؤكدًا أن ما يعانيه اللبنانيون "أخطر من الذل"، وأنه "كفانا ذلًا"، وأن الوقت هو لـ"حكومات وخدمات رقمية" بعيدًا عن الروتين والشلل والمحسوبية والكسل الإداري.
وختم المفتي قبلان بالقول إن الرئيس نبيه بري هو "حجر الزاوية للديموقراطية اللبنانية" وأكبر ضامن وطني على مستوى التمثيل التأسيسي والميثاقي، معتبرًا أن إصرار البعض على "حفر الخنادق الانتخابية" هو خيانة موصوفة وتجارة لصالح الغير، مؤكدًا أن الحل في النهاية إما بتمثيل ميثاقي عادل أو انتخابات خارج القيد الطائفي.