اقليمي ودولي

الجزيرة
السبت 15 تشرين الثاني 2025 - 19:47 الجزيرة
الجزيرة

صمت الكرملين يربك المراقبين… هل يطيح بوتين برجل الظل؟

صمت الكرملين يربك المراقبين… هل يطيح بوتين برجل الظل؟

بعد غياب لافت عن المشهد دام أسبوعين، عاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الظهور هذا الأسبوع، ما أعاد فتح باب التساؤلات بشأن أسباب ابتعاده، ولا سيما بعد تغيّبه عن اجتماعات حساسة داخل روسيا وتكليف شخصية أخرى بتمثيل موسكو في قمة العشرين، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً إلى احتمال تراجع مكانته لدى الرئيس فلاديمير بوتين.


وأثار غياب لافروف عن اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي — وفق ما ذكرته رويترز — موجة تكهنات واسعة، خاصة أن الوزير المخضرم يُعد واحداً من أبرز أركان الحكم منذ عقود، سواء في روسيا الحالية أو في حقبة الاتحاد السوفياتي. فالوزير البالغ من العمر 75 عاماً بدأ مسيرته الدبلوماسية عام 1972، وتولى حقيبة الخارجية منذ عام 2004.


وفي موازاة صمت وزارة الخارجية الروسية عن الإعلان عن لقاءات أو جدول نشاطات لافروف لمدة أسبوعين متتاليين، تحدث تقرير لبيوتر ساور في صحيفة الغارديان عن أنّ غياب مسؤول كبير بهذا الحجم "من دون مبرر" يعدّ أمراً يستحق المتابعة، مؤكداً أن لافروف كان العضو الدائم الوحيد الذي غاب عن جلسة المجلس قبل أسبوعين.


ربطت تقارير إعلامية بين غياب أو "تغييب" لافروف، وبين فشل الجهود لعقد قمة بودابست بين ترامب وبوتين. فقد ذكرت فايننشال تايمز أن واشنطن ألغت القمة بعد تسلّمها رسالة روسية تفيد بأن موسكو غير مستعدة للتنازل عن مطالبها المتشددة بشأن أوكرانيا.


ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن الاتصال الهاتفي بين لافروف ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في 20 تشرين الأول دفع واشنطن إلى الابتعاد عن فكرة القمة.


وفي السياق ذاته، أشار مقال في لوباريزيان الفرنسية إلى أن غياب لافروف قد يعكس استياء داخل الكرملين من فشله في التوصل إلى تفاهم مع روبيو بشأن ترتيبات القمة، ناقلاً عن السفير الفرنسي السابق لدى روسيا جان دي غلينياستي قوله إن إلغاء القمة "أثار استياءً واسعاً" داخل القيادة الروسية.


ويشير مراقبون إلى أنّ بوتين كان يعوّل على قمة بودابست لانتزاع مكسب دبلوماسي في مواجهة أوروبا، وأن تعثر عقدها شكّل خيبة أمل للرئيس الروسي.


في المقابل، فنّدت وسائل الإعلام الروسية ما ورد في فايننشال تايمز. فقد نقلت صحيفة كومرسانت عن مصادر قولها إن غياب لافروف كان منسقاً مسبقاً، ووصفت التقارير الغربية بـ"الأباطيل".


أما المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا فاعتبرت أن ما نشرته الصحيفة البريطانية يأتي "ضمن سياق معادٍ لروسيا" وتشويهاً منظماً في إطار "الحرب الهجينة" الغربية.


كما ذكرت نوفوستي أن تقرير فايننشال تايمز يشبه "قصة خيالية"، مشيرة إلى أن الصحيفة لم تكشف هوية مصدرها، ولا حتى طبيعة موقعه أو دوره.


ونقلت وكالة تاس عن لافروف اتهامه لندن ووسائل إعلام بريطانية بتشويه الوقائع، مؤكداً أن واشنطن لم تتحدث عن مذكرة رسمية تتضمن مطالب غير معقولة، بل عن وثيقة غير رسمية مرتبطة بتفاهمات قمة ألاسكا.


وقال لافروف إن بوتين وافق على مقترح ترامب بعقد قمة في بودابست، وإن الخارجية الروسية كانت تعمل على التحضير لها، نافياً ما تردد بشأن إرسال مذكرة من شأنها تعطيل القمة.


ويرى السفير الفرنسي السابق جان دي غلينياستي أن الفشل في عقد القمة "فرضية من بين عدة فرضيات" قد تفسر غياب لافروف، مشيراً إلى أنّ الشكوك الصحية حول الوزير ليست جديدة. ففي قمة العشرين عام 2022 في بالي، تحدثت تقارير عن نقله إلى المستشفى بسبب وعكة قلبية، وهو ما نفته موسكو.


ونقل تقرير الغارديان عن مسؤول روسي سابق قوله إن بوتين "من غير المرجّح أن يتخلى" عن شخصية خدمت لسنوات طويلة مثل لافروف، لكنه أشار إلى أن الوزير "أساء إدارة" محادثته مع روبيو، ما أدى إلى نتائج لم ترضِ بوتين.


وأضاف أنّ تشدد لافروف في طرح المطالب، رغبةً في الظهور بمظهر "الوطني"، لم يكن مجدياً، خصوصاً مع انزعاج بوتين من تراجع "براعة" وزير خارجيته الدبلوماسية.


ويشير التقرير إلى أن إلغاء القمة دفع ترامب إلى تشديد لهجته ضد موسكو، وفرض عقوبات على اثنتين من أكبر شركات النفط الروسية.


أما الدبلوماسي الروسي السابق بوريس بونداريف، فاعتبر أن تحميل لافروف مسؤولية تعطّل القمة "أمر مستبعد"، مشيراً إلى أن الوزير يدرك تماماً أن دوره هو "التعبير الدقيق" عن موقف الرئيس، لا اتخاذ المبادرات. لكنه لم يستبعد أن يكون بوتين قد حاول إلقاء اللوم عليه، "ففي النظام الروسي لا يمكن أن يكون الرئيس مخطئاً أبداً".


ورغم النفي الرسمي الصريح من المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف — الذي قال: "لا يوجد شيء صحيح في هذه التقارير" — يرى متابعون للشأن الروسي أن تغييب لافروف عن ملفات أساسية، وتكليف شخصيات أخرى بمهامه التقليدية، مؤشر على اهتزاز موقعه داخل السلطة.


ويبرز في هذا السياق اسم كيريل دميترييف، رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي وصديق ابنة بوتين، الذي كثّف اتصالاته المباشرة مع مقربين من ترامب منذ إعادة انتخابه عام 2024، وهو ما اعتبره البعض "سحباً لصلاحيات" لافروف.


وتشير الغارديان إلى أن التوتر بين الرجلين لم يعد سراً، مستشهدةً بحادثة وقعت في شباط الماضي خلال محادثات الرياض حين حاول لافروف إبعاد دميترييف بإزالة كرسيه من الاجتماع، قبل أن يتدخل بوتين لإعادته.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة