ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، تطرّق في قسمها السياسي إلى معنى الاستقلال والظروف الراهنة، مؤكداً أنّ المرحلة دقيقة وتتطلب مقاربة وطنية واسعة.
وقال قبلان إنّ «عيد الاستقلال يضعنا أمام واقع لبنان وسيادته، في منطقة تتمزق بسرعة»، مشيراً إلى أنّ غزة «تعيش محاولة انتداب أميركية خطيرة»، إضافة إلى «وجود إسرائيلي جديد على جزء من الأراضي السورية»، وما يقابله من خلافات عربية – عربية وعربية – إسلامية «لا يستفيد منها سوى تل أبيب وواشنطن».
ولفت إلى أنّ الدول العربية والإسلامية «لا تبدو في طور التصالح»، في ظل ما وصفه بـ«الهيمنة الأميركية التي تستنزف المنطقة وشعوبها».
وأكد أنّ هذا الواقع يفرض «أولويات سيادية ووطنية وأمنية ومجتمعية» لحماية لبنان من الضياع، مشيراً إلى أنّ الآباء الأوائل «انتزعوا استقلال لبنان»، وأن أبناءهم «نجحوا في دحر إسرائيل عن الأراضي اللبنانية رغم الظروف الدولية والإقليمية». وشدد على أنّ «معنى الاستقلال هو الدفاع عنه بكل ما يتطلبه من أثمان وتضحيات وشراكة وطنية»، موجهاً الشكر إلى «المقاومة والجيش وكل الشعب اللبناني».
ورأى أنّ لبنان يعيش «لحظة تهديد وجودي» تطال جميع مكوّناته من دون استثناء، مشدداً على أنّ المطلوب «وحدة وطنية صلبة» تكون سنداً للقوة الوطنية في مواجهة إسرائيل، «المدعومة بكل أنواع الدعم من دول حلف الناتو»، مؤكداً أنّ الوحدة الوطنية لا قيمة لها من دون «أولويات سيادية دفاعية واضحة». وأضاف أنّ حماية لبنان تمرّ عبر «تزخيم قوة الجيش والمقاومة ضمن مواثيق دفاع استراتيجية»، لا عبر «الوشاية على الجيش وقيادته، أو على مقام الرئيس جوزاف عون والرئيس نبيه بري».
ودعا قبلان إلى «إعمال العقل والحكمة والوعي» للانطلاق في ورشة وطنية تستعيد البناء الوطني، معتبراً أنّ «لا استقلال بلا إرادة وطنية، والواقع أثبت أنّ لا ضامن للبنان إلا أهله».
وطالب الحكومة بأن تكون «حكومة سيادة وطنية حقيقية» لا تعبّر عن تردد أو إذعان، مؤكداً ضرورة حماية المناطق الحدودية والتعامل مع الاستحقاق الانتخابي «كفرصة لإعادة تكوين وحدة وطنية سيادية».
ورأى أنّ عيد الاستقلال «لا يكون ذا قيمة إن لم تكن الدولة حاضرة في الجنوب بكل إمكاناتها»، مذكّراً بأنّ إسرائيل «لا تردعها ديبلوماسية ولا قرارات دولية، بل القوة الوطنية المقرونة بالوحدة الوطنية». ودعا إلى عدم التعويل على «دول أو وسطاء من خارج لبنان»، قائلاً إن الحل يكون في «تعزيز وجودنا وتضامننا الوطني حفاظاً على لبنان السيد المستقل».
وختم بالتشديد على أنّ «الألعاب المالية أو السياسية أو الأمنية أو الإعلامية لا تليق بمن يدّعي الحرص على سيادة لبنان»، داعياً إلى التكاتف الوطني في مواجهة ما وصفه بـ«الخطر الإسرائيلي» الذي «يستهدف هوية المنطقة عبر خرائط المشروع الأميركي».