كشف نائب رئيس المجلس السياسي في حزب اللّه، الوزير السابق محمود قماطي، أنّ إسرائيل تعمل على تدمير وتفجير الأسلحة التي تسلّمها المقاومة للجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، مؤكداً أنّ إسرائيل تستهدف أي سلاح يصل إلى الجيش بقرار أميركي–إسرائيلي مباشر، ما يدلّ على أنّ المطلوب ليس نزع سلاح المقاومة فقط، بل منع الجيش اللبناني نفسه من امتلاك أي قدرة دفاعية حقيقية.
وقال قماطي إنّه "حتى لو سلّمنا سلاح المقاومة للجيش اللبناني – على سبيل الافتراض – فإن إسرائيل ستدمّر بكل قوتها الثكنات العسكرية التي ستحتوي هذا السلاح، لأن الجيش ممنوع عليه أن يتسلّح بسلاح المقاومة"، سائلاً: "على أي أساس يطلبون منا تسليم أسلحتنا للجيش؟ وبأي منطق؟".
واعتبر أنّ العام الذي تلا اتفاق وقف الأعمال العدائية كشف انهيار الدور الدولي في تنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أنّ اللجنة المعروفة بـ"الميكانيزم" فشلت فشلاً ذريعاً رغم التزام لبنان الكامل، فيما واصلت إسرائيل عدوانها اليومي على الأرض اللبنانية من دون أي رادع أو محاسبة. ولفت إلى أنّ هذه اللجنة، التي تضم لبنان وإسرائيل و"يونيفيل" بوساطة أميركية–فرنسية، لم تتمكن من فرض تنفيذ الاتفاق أو منع الخروق الإسرائيلية.
وأضاف أنّ "الرعاية الأميركية لم تعد مجرد انحياز لإسرائيل، بل تحوّلت إلى مشاركة مباشرة في العدوان"، لدرجة الضغط لمعاقبة الجيش اللبناني لأنه وصف إسرائيل بالعدو، معتبراً أنّ واشنطن تريد منع لبنان حتى من تسمية المعتدي باسمه، ما يجعل أي رهان على وقف إطلاق نار فعلي مجرد وهم سياسي.
وأكد قماطي أنّ المقاومة صبرت طوال عام كامل احتراماً لالتزام الدولة والدبلوماسية اللبنانية بتنفيذ القرار 1701، مشدّداً على أنّ هذه المرحلة بلغت نهايتها، وأن معادلة إسرائيل القائمة على استباحة لبنان لن تستمر، وأن القيادة ستتخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب "حين يصبح الصمت خطراً على أمن البلاد والعباد".
وأعرب عن استعداد حزب الله لأي تسوية سياسية دفاعية وتفاهم لبناني–لبناني حول مختلف الملفات، من السلاح إلى الاستراتيجية الدفاعية وبناء الدولة، لكنه شدّد على أنّ مطالبة الحزب بالتحوّل إلى حزب سياسي فقط تساوي إلغاء ماهيته، وأن التخلي عن المقاومة غير وارد طالما بقي الخطر الإسرائيلي قائماً ومُحاصراً للبنان.
وفي تقييمه للمشهد الجنوبي، أكد أنّ الجيش اللبناني نجح بنسبة كبيرة في الانتشار جنوب الليطاني، وأن 20% من المساحة المتبقية يمنع الاحتلال انتشار الجيش فيها، مشيراً إلى تعاون كامل بين الجيش والمقاومة في تنفيذ ما يخصّهما من بنود الاتفاق، وهو ما يثير غضب إسرائيل.
ونفى قماطي ما نُسب لرئيس الجمهورية حول انتهاء قدرة حزب الله العسكرية، معتبراً أنّ مثل هذه الادعاءات تتناقض مع الاستنفار الأميركي–الإسرائيلي المتواصل حول ملف السلاح، واصفاً الضغوط الدولية بأنها دليل على القلق المستمر من قدرة المقاومة.
وأشار إلى أنّ الوعود التي تلقّاها الحزب من جهات عربية ودولية خلال الاستحقاق الرئاسي لم يُنفّذ منها شيء، مؤكداً أن المقاومة جزء أساسي من الأمن القومي العربي، وأن المطلوب ليس تطويقها بل دعمها أو على الأقل عدم الضغط عليها.
وفي ما يخصّ ملف السلاح، شدّد على أنّ مصطلح "نزع السلاح" غير وارد، وأن المطلوب هو تنفيذ الاتفاق كما نصّ عليه، مؤكداً رفض الحزب لأي محاولة لفرض هذا الأمر بالقوة لأنه سيؤدي إلى فتنة وصدام وحرب أهلية لن يسمح بها. ورأى أنّ الضغوط الأميركية تهدف إلى دفع الدولة للمواجهة مع المقاومة، ونسف صيغة العيش المشترك، وهو ما يشكل خطراً وجودياً على لبنان.
وأكد أنّ الحزب مستمر في التعاون مع الجيش رغم الألم الذي يسبّبه تسليم السلاح جنوب النهر، قائلاً إنّ "هذا السلاح بُذل فيه عمل وتضحيات على مدى سنوات دفاعاً عن الأرض، وأي محاولة لتدميره بقرار إسرائيلي ترفضها كل الفئات الوطنية". كما أوضح أنّ لا وجود لـ"حزب الله داخل الجيش"، وأن الجيش مؤسسة وطنية جامعة تحظى بدعم اللبنانيين كافة.
وفي ختام المقابلة، أعلن قماطي بدء الاستعدادات للانتخابات النيابية المقبلة، مؤكداً أنّ الحزب يسعى للوصول إلى كتلة نيابية متوازنة ومتنوعة الانتماء، مرجعاً أولويات المشروع السياسي للحزب إلى حماية المقاومة وتعزيز موقعها في الاستراتيجية الدفاعية للدولة.