"ليبانون ديبايت"
لم يكن ينقص لبنان سوى مشهد نسوةٌ مُكبّلات بالجنازير أمام مجلس النواب، وذلك تحت شعار "الدفاع عن المرأة".
هذا المشهدٌ مهين سياسيًا وأخلاقيًا، لا يشبه المرأة اللبنانية التي واجهت الحرب والصعاب، ولا يشبه بلدًا يُقصف ويُهجّر ويجوع، ثم يُقدَّم للعالم بصورة تُظهر نساءه كما لو كنّ أسيرات في قلب بيروت.
اللافت أنّ من يرفعون راية حماية المرأة هم أنفسهم من انتزعوا عنها صورتها الحقيقية، وحوّلوا نضالها إلى مادة صادمة للاستهلاك الإعلامي، حتى ولو كان الثمن كرامتها. فالمرأة ليست وسيلة لجذب الانتباه، ولا لوحة تجارب في الشارع. والدفاع عنها لا يكون بالقيود، ولا بالتشويه، ولا بإفراغ قضاياها من مضمونها.
الدفاع الحقيقي عن المرأة يبدأ بقوانين منصفة، وبمؤسسات تحترم الناس، وبخطاب يُعلي شأن المواطنة لا أن يتاجر بها.
لكن الأكثر إيلامًا أنّ هذا المشهد مرّ بلا موقف رسمي واحد يقول إنّ لبنان مهما سقط وتعب، لا يقبل إذلال المرأة ولا قبول تحويل جسدها إلى عرض سياسي رخيص.
المرأة اللبنانية أثبتت عبر تاريخها أنّها أقوى من السلاسل، وأكبر من كل محاولات تصويرها كضحية دائمة.
والمجتمع الذي قاوم الحروب والدمار والحرمان لا يحتاج صرخات استعراضية ليُقال له إنّ المرأة تستحق الحماية.
تستحق المرأة اللبنانية نضالًا أرفع من الجنازير. أما ذاك المشهد، فمكانه ليس أمام مجلس النواب ولا في صفحات تاريخ نضال المرأة اللبنانية.