ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير جديد، ما وصفته بـ"سبب" اغتيال إسرائيل للقيادي البارز في حزب الله هيثم علي الطبطبائي، الذي قُتل الأسبوع الماضي إثر غارة جوية استهدفت شقة سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل أمضت عقدًا كاملاً تحاول اغتيال الطبطبائي، إلى أن رصدت وجوده نهاية الأسبوع في شقّة داخل الضاحية. وتشير الصحيفة إلى أنّ الطبطبائي—المولود لأم لبنانية وأب إيراني—"تدرّج في الرتب وساهم في بناء شبكة الفصائل المدعومة من طهران حول إسرائيل، وقاد قوات جماعات لبنانية في سوريا، وأُرسل إلى اليمن للمساعدة في تدريب الحوثيين".
وتضيف وول ستريت جورنال أن مهمته الأخيرة كانت "إعادة بناء حزب الله" بعد الأضرار التي لحقت به خلال حرب الشهرين مع إسرائيل العام الماضي، وهو الدور الذي "أدّى في النهاية إلى مقتله".
وفي العملية التي قال مسؤول عسكري إسرائيلي إنها سُمّيت "الجمعة السوداء"، حدّدت إسرائيل موقع الطبطبائي واستهدفت المبنى بصواريخ أُطلقت من طائرة F-15، بهدف "تقويض جهود الحزب لإعادة البناء" وإرسال رسالة مباشرة. ونقلت الصحيفة عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور قوله: "إنها رسالة لقادة حزب الله ولحكومة لبنان… إذا لم ينفّذوا نزع السلاح، فإسرائيل ستقوم به".
ولفت التقرير إلى أنّ إسرائيل والولايات المتحدة صعّدتا الضغط على الحكومة اللبنانية بسبب تعثّر خطوات نزع السلاح، وسط مخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وعودة لبنان إلى الحرب. وبحسب شركة بيانات النزاعات Acled، نفّذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 1500 ضربة في لبنان منذ بدء وقف النار.
في المقابل، يؤكد حزب الله وسلطات بيروت أنّهما التزما باتفاق وقف إطلاق النار، وأن الخروقات الإسرائيلية هي التي أسفرت عن سقوط مئات الضحايا منذ تشرين الثاني 2024.
ويرصد التقرير التوتر الداخلي المتصاعد في لبنان، خصوصًا بعد إعلان رئيس الحكومة نواف سلام تسليم الجيش خطّة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام. وقد اعتبر حزب الله القرار "مخالفة ميثاقية" وأكد أنّه "غير موجود" بالنسبة إليه، مشددًا على أنّ سلاحه عنصر أساس لـ"قوة لبنان".
وتشير الصحيفة إلى أنّ الطبطبائي كان عنصرًا محوريًا في جهود إعادة تنظيم صفوف الحزب، إذ تولّى إدارة العمليات العسكرية كواحد من آخر كبار القادة الباقين بعد سلسلة اغتيالات طالت الصف الأول. ونقلت عن مسؤولين عرب أنّ الطبطبائي عمل بسرعة بعد الحرب على تعزيز قوات الحزب في الجنوب، واعتماد تكتيك "الخلايا الصغيرة" لرفع قدرة العناصر على البقاء في أي مواجهة مقبلة. وبحسب هؤلاء، ساعدت جهوده الحزب في تعويض أكثر من 2500 مقاتل خسرهم خلال الحرب.
وتضيف الصحيفة أن الطبطبائي كان يعمل عند اغتياله على ترسيخ منظومة تدريب بدلاء للقادة الميدانيين، تفاديًا لشلّ الوحدات عند فقدان قادتها، وهو ما حصل في الخريف الماضي.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر استخباراتية عربية وإسرائيلية أنّ حزب الله يعيد تخزين الصواريخ والأسلحة المضادة للدروع والمدفعية، سواء عبر الموانئ أو طرق التهريب عبر سوريا أو عبر الإنتاج الذاتي.
ويرى عميدرور أنّ الطبطبائي كان "رأس كل هذه الجهود… من تهريب السلاح من سوريا، إلى إعادة بناء المنشآت في لبنان، وتدريب المجندين الجدد".
وتذكّر الصحيفة بأن الطبطبائي نجا في كانون الثاني 2015 من ضربة إسرائيلية في القنيطرة جنوب سوريا، ثم انتقل إلى اليمن لتدريب الحوثيين قبل أن يعود إلى لبنان. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد صنّفته في 2018 "إرهابيًا عالميًا"، مع مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.