الأخبار المهمة

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الخميس 27 تشرين الثاني 2025 - 07:05 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

هل تُعيد السندات المضمونة بالذهب الودائع من دون صدامات؟

هل تُعيد السندات المضمونة بالذهب الودائع من دون صدامات؟

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


يتمّ التداول جدّيًا باستعمال الذهب الموجود في مصرف لبنان كأحد الأدوات التي تساعد على الخروج من الأزمة المالية المستفحلة منذ ست سنوات، ولا سيّما في الشقّ المتعلّق بردّ أموال المودعين، خصوصًا مع ارتفاع أسعاره عالميًا، من دون أن يرسو الرأي على الطريقة أو الوجهة التي سيتمّ استعماله بها (بيع/إيجار…)، بسبب الشروط المتعدّدة التي يجب استيفاؤها قبل السماح للحكومة بالتصرف فيه، وأولها إقرار قانون في مجلس النواب يجيز لها ذلك، وهو أمر مستبعد ونحن على أبواب انتخابات نيابية جديدة.

في المقابل، هناك ضغط دولي، وتحديدًا أميركي، لإنجاز قانون الفجوة المالية (لارتباطه بتطبيق قانون انتظام العمل المصرفي)، وهذا يعني تحديد الخسائر وكيفية ردّ أموال المودعين. من هنا يمكن فهم تعدّد الطروحات حول كيفية استخدام الذهب للخروج من الأزمة، وآخرها خيار السندات المضمونة بالذهب (Gold-Backed Bonds)، كأداة يمكن أن تدعم عملية إعادة هيكلة الودائع وترفع مستوى الثقة بالتزامات الدولة. فما هي إيجابيات اعتماد هذا الخيار؟


قانصو: السندات المضمونة بالذهب مقاربة مالية لإعادة هيكلة الودائع


يوضح الخبير المالي الدكتور واجب قانصو لـ”ليبانون ديبايت” أنّ “لبنان يقف أمام معادلة شديدة التعقيد: ودائع مجمّدة تفوق قدرة الدولة والقطاع المصرفي على السداد، غياب السيولة بالدولار، ثقة عامة مهتزّة، وافتقار كامل لخريطة طريق مالية قابلة للتنفيذ. ووسط هذا المشهد، يعود النقاش مجددًا حول الذهب باعتباره أحد الأصول القليلة المتبقية التي ما زالت تحافظ على قيمتها. لكن الطرح التقليدي حول “بيع الذهب” أو “عدم بيعه” بات خارج السياق، فالعالم المالي الحديث لم يعد يتعامل مع الذهب ككتلة جامدة في خزنة، بل كأصل استراتيجي يمكن تفعيله ضمن هندسة مالية متقدمة من دون التفريط به”.


ويرى قانصو أنّه “انطلاقًا من هذه النظرة الجديدة، يبرز خيار السندات المضمونة بالذهب (Gold-Backed Bonds) كأداة يمكن أن تدعم عملية إعادة هيكلة الودائع وترفع مستوى الثقة بالتزامات الدولة. تقوم هذه الآلية على إصدار سندات حكومية بالدولار تكون قيمتها محميّة جزئيًا باحتياطي الذهب لدى مصرف لبنان، ما يمنحها ثقة أعلى وقابلية أكبر للتداول في السوق. ويحصل المودع بموجبها على جزء من وديعته في صيغة ورقة مالية مضمونة يمكن الاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق أو بيعها في أي وقت للحصول على سيولة”. ويجزم بأنّ “هذه الآلية لا تمسّ بالاحتياطي ولا تخلق موجات تضخمية جديدة، بل تستند إلى أدوات مألوفة في أسواق رأس المال. فالضمان هنا ليس تسييلًا للذهب، بل استخدامه كرافعة ائتمانية (Credit Enhancement) تخفّض كلفة المخاطر وترفع جاذبية السند”.


ويشرح أنّه، على المستوى التقني، تحقق هذه الآلية مجموعة من الفوائد في ملف إعادة هيكلة الودائع:


أولًا: خلق أصول قابلة للتداول: تتحوّل الوديعة المجمّدة إلى أداة مالية قابلة للتداول ضمن Secondary Market محلي أو خارجي، بما يعيد للمودع القدرة على التسييل بدل البقاء رهينة قيود المصارف.


ثانيًا: توزيع الاستحقاقات على فترة متوسطة أو طويلة: إصدار سندات بآجال تمتد بين 5 و10 سنوات يسمح بإعادة تشكيل جدول التزامات الدولة والمصارف من دون صدمات نقدية أو ضغوط فورية على السيولة، وبما ينسجم مع القدرات التمويلية المتاحة.


ثالثًا: تخفيض كلفة المخاطر على الدولة: وجود الذهب كضمان جزئي يخفض الـRisk Premium على الإصدارات السيادية، ما يؤدي إلى تسعير السندات عند مستويات أكثر قبولًا للمستثمرين ويزيد عمق السوق.


رابعًا: حماية صغار المودعين: تتيح هذه المقاربة سدادًا نقديًا كاملًا لصغار المودعين، فيما تُعالج الودائع الكبيرة عبر مزيج من أدوات مالية ذات جودة أعلى.


خامسًا: دعم هيكل ميزانية المصرف المركزي:


السندات المضمونة بالذهب لا تستنزف الاحتياطي، بل:

• تقوّي بند الأصول المرجعية غير المرهونة،

• تخفف الضغط على احتياطيات العملات الأجنبية،

• وتؤسّس لأداة قابلة للاستخدام ضمن خطة إعادة الهيكلة الشاملة للقطاع المالي.


ويشدد قانصو على أنّه “من منظور أسواق رأس المال، لا تشكل السندات المضمونة بالذهب حلًا سحريًا، لكنها أداة تكميلية ضرورية ضمن سلّة إصلاحات تشمل إعادة رسملة المصارف، توحيد سعر الصرف، إنشاء صندوق مستقل للاسترداد، وتوزيع الخسائر وفق مبادئ عادلة وشفافة. وكآلية لتخفيف المخاطر وضمان الالتزام، فإنّ هذه السندات تساعد الدولة والمصرف المركزي على رسم هندسة مالية متدرجة وواقعية بدل الحلول الصدامية التي قد تزعزع الاستقرار النقدي”.


ويختم: “لبنان لا يحتاج اليوم إلى بيع الذهب، بل إلى إدارة مالية متقدمة تُخرج الأصول السيادية من جمودها وتحوّلها إلى أدوات حقيقية لإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي”.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة