نظّمت وزارة العدل، بالتعاون مع مؤسسة "فرانس اكسبرتيز"، المؤتمر الوطني حول مكافحة الإتجار بالأشخاص في لبنان.
استُهلّت الجلسة بكلمة للمديرة الإقليمية في لبنان والأردن ليلي فورماليوني، تلتها كلمة سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دي وايلي.
ثم ألقى وزير العدل عادل نصار كلمة بدأها باقتباس للكاتب الألماني برتولت بريخت: "إن مستقبل الإنسانية لا معنى له إلا حين يُرى من الأسفل".
وأضاف أنّ الأماكن التي تُخفى عمداً عن أعين الواعظين والمدّعين بالأخلاق هي النقطة التي تُهدَّد فيها الإنسانية في جوهرها، لافتاً إلى أنّ انتهاكات حقوق الإنسان تنخر المجتمعات بصمت حين يتأخر العالم في مواجهتها. وأكد أنّ واجب اليقظة ضرورة أساسية لعدم السماح بمرارة المهمّشين بالتسلّل، مشيراً إلى معاناة البشر في السجون، وعنابر السفن، والصناديق المخفية في الشاحنات، والمسارات السرّية الملطّخة بالدماء على الحدود، حيث يُساقون نحو نزع إنسانيتهم واستغلالهم وإذلالهم.
وتابع أنّ تقدّم البشرية لا يُقاس فقط بالعمر المتوقع أو التطور العلمي، بل بقدرتها على إيجاد حلول فعلّية للأخطار التي تهدّد الأضعف. فالإنسانية، كما قال، تبدأ عندما نمنع إنساناً من ممارسة اللاإنسانية ضدّ آخر.
وأشار نصار إلى أنّ الإتجار بالأشخاص جريمة خطيرة تمسّ الحرية والكرامة والسلامة البشرية، وغالباً ما تطال الفئات الضعيفة من نساء وأطفال وعمّال مهاجرين، الذين يُخدعون أو يُكرهون أو يتعرّضون للعنف. وأوضح أنّ الجريمة فظيعة لأنها مستمرة، وأن الجناة يشهدون على "الجحيم الذي يصنعونه"، فيما تسهم اللامبالاة والصمت في إضعاف الضمير الجمعي.
وقال: "لن نكرر بما فيه الكفاية كلمات لاكوردير: بين القوي والضعيف، تُظلم الحرية ويُنصف القانون". وشدّد على أنّ لبنان خطا خطوة مهمة بإقرار القانون الرقم 164 لعام 2011 المتوافق مع بروتوكول باليرمو، لكن التطبيق يكشف ثغرات كبيرة وفجوة بين النص والتنفيذ. ورأى أنّ إطلاق إجراءات التشغيل الموحدة (SOP) الخاصة بتحديد الضحايا وحمايتهم خطوة لازمة لتحسين آليات الرعاية وتعزيز الفاعلية.
وأوضح أنّ التطبيق الصارم للقانون 164 وتطوير الاستجابات يشكّلان ضرورة أساسية، وأنّ جلسات المؤتمر ستسهم في تحسين التنسيق وآليات التعرف إلى الضحايا وتثبيت حماية ترتكز إلى الإنسان. وأكد أهمية تعبئة عامة تقوم على أربعة أعمدة: عدالة تلاحق المجرمين، حماية تضع الناجين في صلب الاهتمام، تنسيق يوحّد المؤسسات، وعمل وطني يرفض الإفلات من العقاب. وحيّا دور القضاة، وقوى الأمن الداخلي، والأجهزة الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
وأضاف أنّ المؤتمر محطة أساسية لتبادل المعطيات وتقييم أثر القانون وتحديد الثغرات وصياغة استجابات أكثر فعالية وإنسانية. وأكد التزام وزارة العدل تعزيز الإطار القانوني وتحسين الحماية وترسيخ منظومة مرتكزة على حقوق الإنسان.
وشكر فرانس اكسبرتيز وWomen Empowerment Hub وجميع الشركاء القضائيين والرسميين والدوليين، مؤكداً أن مكافحة الاتجار واجب أخلاقي يوازي الواجب القانوني، وأن الضحايا يستحقون دعماً واعترافاً وإنهاء عزلتهم عبر التضامن الإنساني. وختم: "لنتقدم بإنسانية وتصميم، وبإيمان راسخ أن كل حياة تُحمى، وكل ضحية تُنصف، وكل متاجر بالبشر يُلاحق، هو انتصار للعدالة والكرامة الإنسانية في لبنان".
كما قدّم ضابط الاتصال لحقوق الإنسان في وزارة العدل، القاضي أيمن أحمد، عرضاً قانونياً موجزاً حول الثغرات في القانون والتوصيات المقترحة لمعالجتها. بعدها، تناوب على الكلام ممثلو الوزارات المعنية والمنظمات والجمعيات، كلٌّ وفق اختصاصه.