وفي هذا السياق، يرى الباحث د. خالد الحاج، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أنه "من الواضح اليوم أن مسار الأحداث لا يتجه نحو تصعيد تدريجي أو تكرار لنمط الضربات التي عرفناها خلال السنة الماضية، المشهد أبعد من ذلك بكثير، وأقرب إلى منطق الانتقال النوعي لا التصعيد البطيء، فإسرائيل، وفق كل المؤشرات الواقعية، تتحضر لعملية كبيرة لا تشبه الحرب الماضية، وهذا التحول لا يأتي من فراغ، بل من مجموعة عوامل لبنانية وإقليمية ودولية تراكبت بسرعة شديدة".
ويوضح أن "أول هذه العوامل هو ضياع الفرصة الدولية للبنان، واشنطن والرياض والقاهرة قدمت خلال الأشهر الماضية ما يشبه نافذة الإنقاذ أو الفرصة الأخيرة لتثبيت نوع من الاستقرار، أو على الأقل لخلق مسار تفاوضي يلتقط اللحظة الدولية ويمنع الانهيار الأمني الكامل، هذه الفرصة لم تُحترم داخلياً، ولم يُترجم مضمونها سياسياً أو أمنياً، بل على العكس، قوبلت بسلبية واضحة من حزب الله تعكس رفضاً كاملاً لأي مقاربة تُقلّص من مساحة نفوذه أو تجعله شريكاً مضطراً ضمن منطق الدولة".
ويشير إلى أن "العامل الثاني، وربما الأكثر حساسية، هو قرار إيراني صريح برفض خسارة ورقة الحزب في لبنان، فطهران تقرأ الجبهة اللبنانية على أنها تمثّل رصيدها الحقيقي في أي مواجهة أو تفاوض مع الولايات المتحدة، وبالتالي، فإن خسارة هذا الرصيد تعني بالنسبة لها هزيمة استراتيجية كاملة، وتموضعاً إقليمياً ضعيفاً، وفقدان قدرتها على فرض شروطها في أي حوار دولي، من هنا تحديداً يتولد منطق الانتحار أفضل من الخسارة، أي أن الذهاب إلى مواجهة قاسية يكون أكثر أماناً، من وجهة نظر إيران، من قبول مسار يؤدي إلى تفكيك ورقة لبنان".
ويعتبر الحاج، أنه "في ضوء هذه المعادلة، يصبح من الطبيعي أن تضيق نافذة الأمل إلى حدّ شبه معدوم، فاللحظة السياسية تنكمش، واحتمالات التسوية تتراجع، وكل الأطراف الفاعلة تتصرف وكأن الفصل المقبل بات مفروضاً، إسرائيل ترى أن الوقت الحالي هو اللحظة الأكثر ملاءمة للانتهاء من حزب الله، لا عبر ضربات موضعية، بل عبر عملية عسكرية واسعة تستهدف البيئة الحاضنة لحزب الله بشكل مباشر، وتعمل على تفكيك بنيته العملانية والاجتماعية في آن واحد".