لطالما شكّل استحواذ كبار الأثرياء على وسائل الإعلام والمنصات الرقمية جزءاً أساسياً من هندسة الرأي العام العالمي. غير أنّ ما يثير القلق حالياً هو أنّ ستةً من بين أغنى عشرة أشخاص في العالم يسيطرون على كبرى المؤسسات الإعلامية والتكنولوجية المؤثّرة، ويجمع بينهم قاسم مشترك: ولاء واضح وانحياز معلن لإسرائيل.
فإيلون ماسك، صاحب "تسلا" و"سبيس إكس" ومنصة "إكس"، زار إسرائيل خلال حرب غزة وأعلن دعمه لنتنياهو، كما اتُّهِمت منصته بالترويج للمحتوى اليميني وتقييد الخطاب الموازي للرواية الإسرائيلية. وفي سياق متصل، يعدّ لاري إليسون، قطب وادي السيليكون ومؤسس "أوراكل"، من أكبر الداعمين للجيش الإسرائيلي والمشاريع الاستيطانية، وهو يمتلك شبكة إعلامية مؤثرة ويعزّز نفوذه في منصات كبرى مثل "تيك توك".
ولا يختلف الوضع كثيراً لدى لاري بيج وسيرغي برين مؤسسي "غوغل" و"يوتيوب"، حيث نسجت الشركتان تعاقدات واسعة مع الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً في مشروع "نيمبوس" السحابي الذي يمنح تل أبيب قدرة أكبر على التحكم بالبيانات والذكاء الاصطناعي المستخدم في عملياتها العسكرية. كما قدّمت غوغل للجيش الإسرائيلي تقنيات متقدمة لدعم عملياته منذ الأسابيع الأولى للعدوان على غزة، إلى جانب تمويل حملات دعائية ضخمة لإخفاء آثار الحرب الإنسانية.
أما جيف بيزوس، مالك "أمازون" و"واشنطن بوست"، فتربطه مصالح تكنولوجية موسّعة مع إسرائيل، كشفت وثائق عن مساهمتها في دعم شركات الأسلحة الإسرائيلية عبر خدمات الحوسبة، في وقت لا يُظهر فيه بيزوس أي موقف معلن حيال هذه العلاقات. ومن جهته، يقود مارك زوكربيرغ إحدى أكبر شبكات التواصل (ميتا) التي واجهت اتهامات بحذف عشرات آلاف المنشورات المناصرة للقضية الفلسطينية، وسط تقارير عن توظيف عناصر سابقين في وحدات استخباراتية إسرائيلية داخل الشركة وتأثيرهم على سياسات المحتوى.
وبينما تزداد هيمنة هذه الأسماء الستة على مصادر المعلومة حول العالم، تتعاظم المخاوف من أن يتحوّل هذا النفوذ إلى أداة ممنهجة لخدمة الدعاية الإسرائيلية وقمع الأصوات المخالفة، بما يعيد طرح أسئلة جوهرية حول مستقبل حرية التعبير وحق الشعوب في رواية الحقيقة بعيداً عن هيمنة رأس المال والتكنولوجيا.