المحلية

ليبانون ديبايت
الجمعة 05 كانون الأول 2025 - 12:27 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

"اقتصاد التهدئة" لا يعوّض كرامة أو أمن... لبنان يدخل "المنعطف الدقيق" مع إسرائيل!

"اقتصاد التهدئة" لا يعوّض كرامة أو أمن... لبنان يدخل "المنعطف الدقيق" مع إسرائيل!

"ليبانون ديبايت"

في تطوّر دبلوماسي لافت على خطّ الملف اللبناني–الإسرائيلي، دخل لبنان مرحلة جديدة من إدارة الاشتباك السياسي والأمني عبر تعيين الدبلوماسي سيمون كرم ممثّلاً مدنياً في لجنة “الميكانيزم” التفاوضية في رأس الناقورة.

هذا التحوّل في طبيعة التمثيل يفتح الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كان لبنان يقترب تدريجاً من مفاوضات مباشرة بحكم الواقع، وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على الجنوب وتزايد الضغوط الأميركية والدولية لفرض ترتيبات أمنية جديدة. وفي هذا السياق، يقدّم العميد المتقاعد بهاء حلال عبر "ليبانون ديبايت"، قراءة معمّقة لهذه المرحلة الحسّاسة وما تحمله من رسائل وشروط وتحدّيات.

يذكر العميد حلال أنّه في 3 كانون الأول 2025 عُقدت في رأس الناقورة، تحت رعاية أميركية، أول محادثات مباشرة ضمنياً وغير مباشرة ظاهرياً، وهي محادثات مدنية بين ممثلين من إسرائيل ولبنان منذ عقود، مثّلت خطوة دبلوماسية لبحث تطبيق وقف إطلاق النار (بعد الحرب على لبنان وعلى حزب الله تحديداً عام 2024)، ضمن إطار التهدئة. لكن تزامن هذا الاجتماع مع تصعيد ميداني، حيث شنّت إسرائيل غارات في جنوب لبنان رغم الدعوات الأميركية الخجولة لضبط النفس.


هذا التناقض بين التفاوض المدني من جهة، والقصف العسكري من جهة أخرى، يستوجب، وفق حلال، قراءة أعمق للسؤال الأساسي: ماذا تحاول إسرائيل أن تقول، وما الذي ينتظر لبنان في حال قبول “الشروط”؟


الرسائل التي تريد إسرائيل إيصالها


يستنبط حلال عدداً من الرسائل الاستراتيجية من خلال هذا التناقض بين التفاوض والغارات:


-التفاوض ليس وقفاً للأفعال.

-الغارات تؤكد أن إسرائيل تنظر إلى التفاوض كأداة تبريد مؤقت أو تكتيك، لا كهدنة ذات التزامات.

-إسرائيل تريد أن تُظهر أنها تحتفظ بالسيطرة الكاملة على “مفاتيح الاشتباك”، وأن لا أحد يمكن أن يكون ضامناً لوقف النار، حتى وإن جرى الجلوس إلى طاولة تفاوض.

-الهدف ليس التفاوض بحد ذاته، بل إعادة رسم قواعد الاشتباك من موقع قوة.


ضغوط على لبنان لفرض "هدنة بشروط"


ويرى حلال أنّ استمرار القصف رغم المباحثات يمارس ضغطاً واضحاً على الدولة اللبنانية لتقبل شروطاً أمنية تتعلق بملف ترسيم الحدود وسلاح الميليشيات (ويقصد به غالباً حزب الله)، ووضع الجنوب تحت سلطة إسرائيل المباشرة أو تحت سلطة الدولة اللبنانية بالتنسيق معها، بما يُذكّر ببعض بنود اتفاق 17 أيار 1983 حين كانت إسرائيل تحتل لبنان.


إضعاف معنويات المقاومة والمجتمع اللبناني


ويشير إلى أنّ الرسالة الأمنية الأبرز هي:

-لا موقع في الجنوب آمن بعد اليوم، حتى ولو تفاوضت الحكومة وسارت بخط رسمي.والهدف خلق شكّ لدى المواطنين حول قدرة المقاومة والدولة على حماية الجنوب، وجعل قبول التنازلات السياسية–الأمنية أكثر قبولاً، بهدف الضغط على حزب الله وكسر إرادته.

-الشروط المفروضة على الجانب اللبناني


الشروط


ويستنتج حلال من المواقف الإسرائيلية والأميركية بعد الغارات والاجتماع أنّ بعض الشروط تُطرح على لبنان، وأبرزها:


-تمثيل تفاوضي مدني وليس عسكرياً: إذ عيّن لبنان الدبلوماسي سيمون كرم لقيادة الوفد اللبناني في مفاوضات “الميكانيزم” مع الجانب الإسرائيلي المدني، بهدف نزع الطابع الحربي عن الملف وتحويله إلى ملف سياسي–تقني.

-نزع سلاح المقاومة جنوب وشمال الليطاني.

-استمرار الغارات طالما وُجدت “بنية تحتية حربية” لحزب الله في الجنوب.

-تحدّيات لبنان في مواجهة هذه المرحلة


التحديات


وفي المقابل يعتبر حلال أنّ التحديات المطروحة كبيرة، وأبرزها:


-ضرورة التفاوض من موقع قوة لا من موقع ضعف.

-قبول الشروط تحت الضغط يفقد لبنان جزءاً من سيادته وقدرته الدفاعية.

-أي حل أمني لا يقوم على أفق سياسي سيكون هشّاً.

-التغييرات الأمنية لا تصبح دائمة ما دامت ملفات الحدود والسلاح وقرار الحرب والسلم مفتوحة.

-"اقتصاد التهدئة" لا يعوّض أمن المواطن وكرامته.

-أي تفاهمات مع إسرائيل يجب أن تسبقها ضمانات دولية ومحلية، لا مساومات سرّية.

-ضرورة توافق الدولة والمقاومة والشارع على استراتيجية وطنية تحصّن لبنان من الابتزاز.


ماذا يعني تعيين سيمون كرم؟


وحول دلالة تعيين مدني في لجنة “الميكانيزم”، يرى حلال أنّ هذه الخطوة تحمل مؤشرات عدة:


-تحوّل في الشكل والصفة

-لم يعد التمثيل العسكري هو الغالب كما كان في مفاوضات الترسيم السابقة.

-اختيار دبلوماسي يمنح المفاوضات طابعاً سياسياً وتقنياً ويعكس انخراطاً مدنياً أكبر من الدولة.

-إشارة إلى مرونة تفاوضية

-قد تُقرأ كرسالة إيجابية للغرب والوسيط الأميركي.

-لكنها تثير مخاوف من فتح الباب أمام ضغوط إضافية أو تنازلات تدريجية.


هل دخلنا في مفاوضات مباشرة؟


تقنياً: لا تزال غير مباشرة.

عملياً: خطوة تقرّب لبنان من مفاوضات مباشرة إذا توسّعت الملفات نحو الأمن والسلاح والحدود البرية.


دلالة سياسية أعمق


-ربما تهدف الدولة إلى فصل مسارها الرسمي عن حزب الله لتجنّب الإحراج الدولي.

-وقد تكون خطوة تمهيدية لمسارات اقتصادية لاحقة.


ويخلص العميد حلال إلى أن لبنان لم يُعلن رسمياً دخوله مفاوضات مباشرة، لكنه عبر تعيين ممثّل مدني دخل فعلياً في مرحلة تفاوض مرن تحتاج إلى يقظة وطنية، لأنّ الشكل قد يتطور تدريجياً نحو تفاوض سياسي مباشر إذا لم تُحدَّد له حدود واضحة منذ البداية.


تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة