شدّد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، على أن العدالة هي الركيزة الأساسية لصون السلم الدولي وترسيخ الاستقرار، منتقدًا تراجع احترام القانون الدولي واتساع الفجوة بين المبادئ والممارسات في الساحة الدولية.

وقال آل ثاني في كلمة ألقاها خلال افتتاح الدورة الثالثة والعشرين من “منتدى الدوحة” تحت عنوان: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى التقدّم»، إن المنتدى يشكّل منصة عالمية للحوار بين صنّاع القرار وقادة الفكر، ومساحة لبلورة حلول عملية للتحديات الكبرى التي تواجه العالم.

وأشار إلى أنّ اتّساع الهوّة بين الخطاب والواقع يهدد النظام الدولي، معتبرًا أنّ إدارة الأزمات بمنطق القوة بدلًا من القانون، وإبقاء المعتدي بمنأى عن المساءلة، يحوّل النظام الدولي إلى “مجموعة من الوعود غير المنجزة”.
ولفت آل ثاني إلى أنّ إدارة الصراعات بحدّها الأدنى أو الاكتفاء بتوافقات مؤقتة لم يعد مجديًا، لأنّ الأزمات من دون حلول عادلة تعود أشدّ تعقيدًا. وقال: “الحلول العادلة وحدها تصنع السلام المستدام وتمنع استمرار دائرة النزاع والانقسام”.
وسلّط الضوء على عدد من الأزمات في المنطقة، معتبرًا أنّ معاناة الشعب الفلسطيني والانتهاكات في السودان أبرز مثالين على غياب العدالة والمساءلة، كما أشار إلى أن الشعب السوري يسعى إلى التعافي عبر مسار عدالة انتقالية تعزّز الوحدة وتمهّد لسلام يستند إلى المشاركة والحقوق.

ورأى رئيس الوزراء القطري أنّ التحديات الإقليمية مرتبطة بتراجع الدور الدولي للقانون، وباستخدام القوة المفرط، وإضعاف المؤسسات الأممية، ما يعمّق المخاطر ويقوّض ثقة الشعوب بالنظام العالمي.
وقال إنّ العالم اليوم يحتاج إلى: “إعادة الثقة بالقانون الدولي، ومنظومة أكثر عدلًا، وتمكين المجتمعات والمنظمات الإنسانية كشريك أصيل في صنع المستقبل”.
وأكد آل ثاني أنّ سياسات دولة قطر تنطلق من “تطابق القول مع العمل”، ومن التزام ثابت بالمسؤولية الدولية لتعزيز السلم، وأنّ الوساطة ليست خيارًا سياسيًا عابرًا بل “منهج راسخ” تسير عليه الدوحة.
وأشار إلى نجاح بلاده بالتعاون مع النرويج وإسبانيا وسويسرا في التوصل أمس إلى اختراق مهم على صعيد مسار السلام في كولومبيا بين الحكومة وجماعة EGC المسلحة، معتبرًا أن الاتفاق: “فتح نافذة أمل حقيقية أمام المجتمعات المتضررة للخروج من دائرة العنف”.
وأوضح أنّ الاتفاق يمهّد لمسار هدفه نزع السلاح ومكافحة المخدرات وبناء سلام مستدام يقوم على المسؤولية والثقة.
وختم آل ثاني كلمته بدعوة المجتمع الدولي إلى الانتقال من الوعود غير المنفذة إلى العدالة الفعلية، قائلًا: “العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل إلى عدالة تُطبَّق دون ازدواجية، وإلى شجاعة تحوّل الأقوال إلى أفعال”.
ودعا إلى تعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمعات والمنظمات الإنسانية من أجل مستقبل أكثر إنصافًا وأمانًا للبشرية.