كتب الصحافي جواد الصايغ في صحيفة "إيلاف" مقالًا بعنوان "لبنان بين السيناريو المخيف والمستقبل المجهول"، استعاد فيه ربيع عام 2005 بوصفه محطة حاسمة في التاريخ السياسي اللبناني، مع انسحاب الجيش السوري من لبنان وإنهاء السيطرة المباشرة لدمشق على الحياة السياسية في بيروت.
وأشار الكاتب إلى أنّ هذا الانسحاب جاء نتيجة سلسلة تطورات بدأت بنداء البطاركة الموارنة عام 2000، ثم الضغوط التي مارسها اللبنانيون في الخارج — خصوصًا في الولايات المتحدة — لإصدار قرار أممي يطالب بخروج القوات السورية، وصولًا إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانتفاضة "ثورة الأرز"، حيث تلاقت الظروف الداخلية والدولية لإنتاج لبنان من دون وصاية خارجية للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.
وبحسب الصايغ، فإنّ الحديث عن إمكانية عودة النفوذ السوري إلى لبنان عاد إلى الواجهة مؤخرًا، بعد تصريحات سفير واشنطن لدى أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم براك، الذي تحدّث أكثر من مرة عن العودة إلى مرحلة ما قبل اتفاقية سايكس ـ بيكو، معتبرًا أنّ “جمع لبنان وسوريا معًا أمر رائع كونهما يمثلان حضارة واحدة”.
ويرى الكاتب أنّ هذا الطرح مرفوض من غالبية اللبنانيين، لكن استمرار براك في التلويح به يفرض تحركًا جديًا لحماية سيادة لبنان ومنع تصويره كدولة سهلة التأثير ومحدودة القدرة على إدارة شؤونها. ويلفت إلى أنّ الأداء السياسي الداخلي منذ اتفاق الطائف ثم الانسحاب السوري عام 2005 أسهم في خلق صورة سلبية عن لبنان في الخارج.
ويطرح المقال فرضيتين لتفسير مواقف براك:
الأولى تتعلق برغبته في الضغط على المسؤولين في لبنان للإسراع في معالجة ملف سلاح حزب الله وإعادة انتظام الدولة.
أما الثانية، فترتبط بتطورات خارجية، أبرزها تعثّر الاتفاق الأمني بين دمشق وتل أبيب، وما يُعتقد أنه سعي إلى إقحام سوريا أكثر في الملف اللبناني لإرسال رسائل إيجابية لإسرائيل تتعلق بمواجهة حزب الله.
ويؤكد الصايغ أنّ الحفاظ على وحدة وسيادة لبنان بات مسؤولية وطنية تتطلب مقاربة مختلفة، مشيرًا إلى أن تسليم السلاح للدولة اللبنانية يُعد برأيه الخيار الأمثل لتجنب وضع لبنان على طاولات التفاوض الإقليمية، ولضمان أن تستمد المكوّنات اللبنانية قوتها من مؤسساتها الشرعية وليس من الخارج.