المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 09 كانون الأول 2025 - 07:52 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

جعجع يفتح “النار” على الجميع: “القوات” تُقاتل على ما تعتبره فرصتها التاريخية

جعجع يفتح “النار” على الجميع: “القوات” تُقاتل على ما تعتبره فرصتها التاريخية

"ليبانون ديبايت" - محمد علوش


يرتفع صوت رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اليوم، لا لأن اللحظة وطنية ضاغطة، والعدو الإسرائيلي يُمعن في انتهاك لبنان وسيادته وأرضه، بل لأن الزمن يضيق أمام ما يراه فرصته الأخيرة لفرض معادلة سياسية جديدة في لبنان، تُدخله بوابة الرئاسة في بعبدا أو تساهم في استعادة مشروع “الاستقلالية المسيحية” الذي لم يعد يُخفي طابعه الانعزالي ولا ارتباطه بالتحولات الإقليمية الجارية، رغم رسالة البابا لاوون التي شددت على أهمية “لبنان الكيان” كوطن نهائي لجميع اللبنانيين. في حسابات جعجع الداخلية، لا تبدو هذه مرحلة عابرة، بل محطة مصيرية تكاد تكون بمثابة “الفرصة الأخيرة”.

منذ انطلاقة القوات اللبنانية كفكر، بمعزل عن التسميات، لم يكن المسار بعيدًا عن نظرة أميركا وإسرائيل للمنطقة، لا في الفكر ولا في التموضع السياسي. عام 1982، ومع الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، اعتقدت هذه المدرسة أن المشروع قد مرّ، وأن الطريق باتت مفتوحة لحكم لبنان بالوصاية المباشرة أو غير المباشرة، وأنتج هذا الاجتياح اتفاق 17 أيار الذي كان يُفترض أن يكرّس هذا المسار، إلا أنه لم يستمر فسقط سريعًا، وسقط معه الحلم الأول بالسلطة، بعد أن شعروا أنّه بات في المتناول، لتنتهي مسيرة الحلم الأول بتسوية دولية ـ إقليمية أخرجت القوات من المشهد.


لم يتوقف الرهان عند تلك المحطة، بل أُعيد إنتاجه مع تبدّل الأزمنة. فعلى سبيل المثال، مع موجة ما سُمّي بالربيع العربي، عاد الخطاب القديم بثوب جديد، ويومها خرج جعجع بعبارة “فليحكم الإخوان”، كاشفًا استعدادًا كاملاً لرهان إقليمي جديد، ولو على حساب التوازنات الهشّة داخل لبنان. ولكن مرة جديدة لم ينجح الرهان، وأُخرج الإخوان من الحكم في أكثر من مكان، وتبدّلت الصور، وصولًا إلى اتهام “الإخوان” بالإرهاب من قبل الأميركيين اليوم. ولكن لا مشكلة، فالقوات لا تزال تبحث عن لحظة خارجية تفتح لها أبواب الداخل.


اليوم، يُعاد السيناريو نفسه مع التقدّم الواضح في المشروع الأميركي في المنطقة، والذي لا يُقرأ لدى جعجع كخطر، بل كفرصة أخيرة بعد “عمر” من الرهانات. لذلك يتحوّل خطابه من موقع المعارضة السياسية إلى موقع التعبئة والتجييش، إذ ليس صدفة أن يرتفع منسوب الحديث داخل بيئته عن “استعادة القرار السيادي بالقوة”، ولا أن يزداد التحريض الممنهج ضد المقاومة بوصفها “عائقًا وجوديًا” أمام مشروعه.


الخطاب الداخلي للقوات بات أكثر تشددًا بوجه كل من يمكن وصفهم بالعقبات أمام المشروع. فالمعركة ليست مع الثنائي الشيعي فقط، بل مع رئيس الجمهورية أيضًا، وقيادة الجيش، والحكومة، وكل فريق مسيحي آخر. فلا حديث عن تسويات ولا عن شراكات وطنية، بل محاولة مستمرة للدفع نحو صدام بين الجيش والمقاومة، مهما كانت الكلفة، والتحريض في الولايات المتحدة الأميركية لفرض عقوبات على شخصيات لبنانية، ومحاولة تحييد رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن دائرة القرار من خلال إشعال الحديث عن “الترويكا” على طاولة مجلس الوزراء من قبل وزراء القوات، وحتى التهديد شبه اليومي بأن الحرب الإسرائيلية على لبنان واقعة لا محالة ما لم تُطبق الشروط التي تطلب نزع سلاح المقاومة.


كان لافتًا حديث أحد مسؤولي “القوات” اللبنانية عن الحرب المتوقعة وما يجب فعله في مرحلة ما بعد “الثنائي”، إلى جانب كون الهجوم على رئيس الجمهورية جزءًا من خطة تصاعدية تهدف إلى نزع الغطاء السياسي عن أي موقع لا ينسجم مع هذا التوجه القواتي. وبحسب مصادر سياسية بارزة، من المتوقع أن ترتفع نبرة الخطاب أكثر مع مرور الوقت، حيث سيتم تصوير كل موقف توافقي في بعبدا على أنه “خيانة” أو “تخلٍّ عن السيادة” أو “ضعف”، في محاولة لعزل الرئاسة ودفعها نحو الزاوية، تمهيدًا لإجبارها على أحد خيارين: إمّا الانصياع لمعادلة الصدام، أو التحول إلى موقع ضعيف قد يدفع بالرئيس إلى الاستقالة.


ترى المصادر أن القوات اللبنانية تعمل اليوم وفق شعور بأن الزمن يعمل ضدها، وأن التحولات الكبرى التي مرّت سابقًا من دونها لا يجب أن تمرّ من دونها هذه المرة، خصوصًا بعد الضربات التي تلقاها محور المقاومة، والشعبية البارزة التي يتمتع بها الحزب داخل لبنان. لذلك يصبح التطرف السياسي خيارًا لا مجرّد خطاب، فجعجع لا يرى في التهدئة مصلحة، وكل تأجيل للصدام هو إضاعة لفرصته الأخيرة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة