اقليمي ودولي

سكاي نيوز عربية
الثلاثاء 09 كانون الأول 2025 - 17:14 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

دعم ونفوذ... ملف الإخوان في الداخل الأميركي يعود للاشتعال!

دعم ونفوذ... ملف الإخوان في الداخل الأميركي يعود للاشتعال!


تشهد الولايات المتحدة منحنى تصاعدياً في التعامل مع تنظيم الإخوان وشبكاته المتفرعة، بعد قرارات متلاحقة صدرت من ولايات رئيسية كتكساس وفلوريدا لتصنيف الإخوان ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير" كـمنظمات إرهابية.


هذا التحرك، الذي يأتي في لحظة سياسية حساسة عقب تداعيات" 7 تشرين"، أعاد تقديم ملف الإسلام السياسي في الداخل الأميريكي كأحد أكثر القضايا اشتعالاً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وبين الولايات والحكومة الفيدرالية، وبين الخطاب الأمني والخطاب الحقوقي.


وفي هذا السياق، قدم كل من محلل الشؤون الأميريكية موفّق حرب، والخبير في شؤون الجماعات المتشددة ماهر فرغلي، قراءتين متقاطعتين حول دلالات القرارات الأميركية، وحجم حضور الإخوان في الداخل، وتعقيدات المواجهة القانونية التي تنتظر الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة.


يجدر القول أن إعلان ولاية فلوريدا إدراج جماعة الإخوان ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير" ضمن قائمة المنظمات الإرهابية كان قد أثار جدلاً واسعا على المستويين السياسي والقانوني في الولايات المتحدة، مع توقع امتداد هذا القرار إلى المستوى الفيدرالي.


فأوضح محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية" موفق حرب خلال حديثه إلى "الظهيرة" أن القرار يعكس تداخل السياسة الداخلية والخارجية الأميركية، ويطرح تحديات قانونية كبيرة أمام الحكومة الفيدرالية والمحاكم.


وأكد موفّق حرب أن القرار في فلوريدا، على غرار ما حدث في ولاية تكساس، لا يزال محصوراً ضمن نطاق الولايات التي تهيمن عليها الأغلبية الجمهورية، لكنه قد يكون مقدمة لتحرك على المستوى الفيدرالي.


وقال إن الرئيس ترامب سبق أن وقع قراراً تنفيذياً يطالب المؤسسات الأميركية بدراسة تصنيف فروع الإخوان في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية، لكن القرار لم يطبق على كل الولايات بعد.


وأوضح حرب أن نشاط الإخوان ومنظمة كير في الولايات الأميركية محدود حالياً، وأن السؤال المركزي يتعلق بما إذا كانت الحكومة الفيدرالية ستسير على النهج نفسه، ما يجعل جميع الولايات ملزمة بهذا التصنيف.


ولفت حرب إلى البعد الداخلي للقرار، موضحا أن بعض الولايات التي تحكمها الأغلبية الجمهورية تنظر إلى تصنيف هذه المنظمات كجزء من السياسة المحلية، لا سيما بعد أحداث 7 أكتوبر التي عززت المخاوف من تعاظم الإسلام السياسي في الولايات المتحدة.


وأشار إلى أن هذه المنظمات نشطت في حشد الدعم الجامعي وجمع التبرعات ودعم مرشحين في الانتخابات، غالباً من المعارضة لإسرائيل، ما يجعل القضية مرتبطة ليس فقط بالسياسة الخارجية بل بالحياة السياسية الداخلية الأميركية.


وأشار حرب إلى أن حكام بعض الولايات، مثل فلوريدا، يستخدمون هذا القرار لتوجيه رسالة سياسية قبل الانتخابات الرئاسية، معتبرين أن هناك حاجة لمواجهة تنامي الإسلام السياسي والجهادي في المجتمع الأميركي.



في سياق متصّل، أوضح حرب أن المسوغات القانونية للقرار تعتمد على تصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية، حيث إن أي دعم لهذه الحركة يعطي السلطات المحلية والفدرالية فرصة لمعاقبة المنظمات التي تثبت دعمها لها، لكنه أشار إلى أن هذه القرارات ستواجه حتما تحديات قضائية، مع احتمال وصول بعضها إلى المحكمة العليا الأميركية للبت في مدى قانونيتها، خصوصا من حيث حرية الدين وحرية التعبير.


وأضاف أن الولايات المتحدة واجهت تاريخياً حالة من الغض نظر تجاه بعض المنظمات الإسلامية خلال الحرب الباردة ومرحلة ما بعد 11 سبتمبر، مع التأكيد أن أحداث "7 تشرين" أعادت الجدل القانوني والسياسي حول قدرة هذه المنظمات على التحوّل سريعاً من نشاط اجتماعي وخيري إلى دعم الإرهاب.


وأشار حرب إلى أن بعض المنظمات المرتبطة بالإخوان استفادت من الانتخابات المحلية لتعزيز حضورها، لا سيما بعد فوز بعض المرشحين المؤيدين لقضايا الجالية المسلمة.


وأضاف أن الجمهوريين يشعرون بالقلق من استمرار هذه المؤسسات وزيادة قدرتها على جمع التبرعات ودعم المرشحين التقدميين من الحزب الديمقراطي، ما يضيف بعداً انتخابياً للقضية.


وأكد أن إدارة الرئيس أوباما السابقة شجعت بعض هذه المؤسسات في مصر، ما يعكس تحول قضية الإخوان من مسألة شرق أوسطية بحتة إلى موضوع سياسي داخلي أميركي، مرتبط بالانتخابات والتوازن بين الحزبين.


وذكر حرب خلال حديثه أن المهاجرين القادمون من الدول الإسلامية غالباً ما يكونون أول المستفيدين من نشاط هذه المنظمات الاجتماعية والخيرية، وهو ما يسهل عملية التأثير والإدلجة داخل المجتمع الأميركي.


وأوضح أن هذه المنظمات قادرة على تحريك المجتمع، رغم أن الكوادر التي تعمل فيها لا تمثل الشريحة الأكبر من الجالية الإسلامية.


وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية الأميركية تواجه قيودا قانونية لملاحقة هذه المجموعات إلا إذا ارتكبت جرائم فيدرالية، وهو ما يسلط الضوء على أهمية دعم هذه المنظمات لحركة حماس كمدخل قانوني لملاحقتها.


فيما يخص البعد الدولي، لفت حرب إلى أن الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة، مثل بريطانيا، قد تلحق بالخطوة الأميركية، لكن ذلك غالبا بعد فترة زمنية طويلة.


وأوضح أن الإخوان يعتمدون على جمع التبرعات من أوروبا، وهو ما يجعل أي قرار أميركي قد يؤثر لاحقا على تحركاتهم الدولية.


يرى حرب إلى أن قرار فلوريدا ليس مجرد خطوة محلية بل يشكل جزءا من تصاعد التحركات الأميركية لمواجهة الإسلام السياسي داخلياً وخارجياً.


وبينما يواجه القرار تحديات قضائية وسياسية، فإنه يعكس حالة استنفار لدى الحزب الجمهوري لمواجهة تحركات المنظمات المرتبطة بالإخوان المسلمين، ويضع الحكومة الفيدرالية أمام اختبار قانوني وسياسي في كيفية تعميم هذا التصنيف على المستوى الوطني.



من جهته أكد الخبير في شؤون الجماعات المتشددّة، ماهر فرغلي خلال مداخلته أن نشاطات الإخوان داخل الولايات المتحدة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية:


المحور الأول يتعلق بـ"التوطين"، حيث يهدف التنظيم إلى التغلغل في المجتمع الأميركي عبر أجيال من المهاجرين، ما يعرف بـ"المشروع الاستيطاني"، لتكوين قاعدة اجتماعية متينة تمكنه من التأثير على الهياكل السياسية، بما في ذلك الوزارات والمؤسسات الحكومية.


أما المحور الثاني، فهو "التلاعب القانوني"، من خلال تأسيس منظمات قانونية وحقوقية ترفع القضايا لمواجهة أي انتقاد أو تحدٍ يطال الجماعة أو حلفاءها، بما يشمل المنظمات الفرعية المرتبطة بالإخوان. ويصف فرغلي هذه المحور بأنه أداة لإضفاء شرعية على نشاطات الجماعة في الولايات المتحدة، دون أن يظهر جانبها السياسي أو الأيديولوجي المتطرف بشكل مباشر.


أما المحور الثالث، فيتعلق بـ"تعزيز الهيمنة"، من خلال إنشاء شبكات مؤسساتية متنوعة تشمل 29 منظمة رئيسية، أبرزها "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية" (كير)، والاتحاد الطلابي الإسلامي، وغيرها.


ويشير الخبير إلى أن هذه المنظمات لا تمارس الإرهاب مباشرة داخل الولايات المتحدة، لكنها ثبت أنها تقدم دعماً مالياً لحركات مثل حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، ما يجعل الإخوان في موقف معرض للتصنيف نفسه.


كذلك، أكد فرغلي أن هناك تقاطعاً بين السردية الأيديولوجية للإخوان وجماعات إرهابية أخرى، مثل داعش وتنظيم القاعدة وحركة حماس.


وأوضح أن أفكار مؤسسي الجماعة، مثل حسن البنا وسيد قطب، تمثل قاعدة فكرية تؤسس لمناهضة الحضارة الغربية، وتدعم فكرة الصراع الحضاري والجهادي.


وأشار إلى أن هذه الأفكار شكلت خلفية لتكوين خلايا منفردة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ارتكب عدد من الأفراد أعمالاً إرهابية في مدن مثل بروكسل ونيس وباريس، بعد تربيتهم وتأثرهم بمحاضن وجمعيات إخوانية ومراكز دينية أشرف عليها قيادات الجماعة الدولية.


في سياق متصّل، يرى فرغلي أن خصوصية الإخوان في الولايات المتحدة تكمن في قدرتهم على تبني سياسة استراتيجية تتضمن السيطرة على المراكز الإسلامية، واستغلال فقه الأقليات لتحريك الجماعات المختلفة، وبناء مؤسسات تعليمية وتمويلية ضخمة، تؤثر على أجيال جديدة من الشباب المولودين في أمريكا وليس المهاجرين فقط.


وأشار إلى صعوبة التعامل مع الجماعة أمنياً، نظرا لقدرتها على تعديل واجهاتها، وتغيير قياداتها، وإعادة تشكيل هيئات جديدة، ما يضع الأجهزة الأمريكية أمام تحدٍ قانوني وأمني مزدوج لإثبات انتماء هذه الكيانات الجديدة لتنظيم الإخوان ودعمها للإرهاب.


ونوه فرغلي، ختاماً، إلى أن التقييم الأميركي والأوروبي للإخوان يتسم بالتباين، حيث ينظر الأوروبيون إلى الجماعة على أنها معتدلة نسبيا مقارنة بتنظيمات أشد تطرفا مثل داعش، ويمكن توظيفها في مواجهة هذه التنظيمات الأكثر عنفاً.


وأشار إلى تقرير مجلس العموم البريطاني الذي خلص إلى أن الجماعة يمكن أن تكون أداة في القضاء على التنظيمات الإرهابية الأشد خطورة، ما يتطلب مراجعة سياسية دقيقة قبل أي مراجعة أمنية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة