أكدت عائلة أحمد الأحمد أنّه "لا يميّز بين أحد"، وأنه كان مستعدًا لفعل أي شيء من أجل إنقاذ الأرواح خلال الهجوم الذي شهدته منطقة بوندي في سيدني.
وقال أحد أبناء عمومته إن الأحمد، حين اندفع نحو أحد المسلحين وانتزع منه سلاحه على شاطئ بوندي، لم يكن يفكّر إلا بأمر واحد: "لا يحتمل رؤية الناس يموتون". ومنذ لحظة الهجوم الدامي وحتى الآن، لا يزال الأحمد في حالة حرجة لكنها مستقرة في مستشفى سانت جورج في سيدني.
واكتسب الأحمد، وهو أب يبلغ 43 عامًا ولديه ابنتان صغيرتان، شهرة عالمية واسعة، حيث أشاد به كل من رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، ورئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، واصفين إياه بـ"البطل".
وخصّ ألبانيز الأحمد بالذكر خلال مؤتمر صحافي عقده يوم الاثنين، معتبرًا أن ما قام به يشكّل مثالًا حيًا على "تكاتف الأستراليين". وقال: "أحمد الأحمد انتزع السلاح من ذلك المهاجم، معرّضًا نفسه لخطر جسيم، وأُصيب بجروح خطيرة نتيجة ذلك، وهو يخضع حاليًا لعمليات جراحية في المستشفى".
من جهته، زار رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز الأحمد في المستشفى، ونشر عبر حسابه على إنستغرام إشادة بما وصفه بـ"البطل الحقيقي". وكتب: "شجاعته النادرة أنقذت بلا شك أرواحًا لا تُحصى، عندما نزع سلاح إرهابي معرّضًا نفسه لخطر جسيم. ولولا تضحيته، لكانت حصيلة الضحايا أكبر"، بحسب ما نقلت صحيفة لغارديان البريطانية.
وكان حادث إطلاق النار الجماعي قد وقع مساء الأحد خلال احتفالات عيد الأنوار "حانوكا"، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 شخصًا، بينهم أحد المسلحين. وأظهرت لقطات مصوّرة من موقع الحادث الأحمد وهو يندفع نحو أحد المسلحين، يقفز عليه وينتزع السلاح من يده.
وقال جوزاي، ابن عم الأحمد، إنه يتعافى من أولى عملياته الجراحية، على أن يخضع لعمليتين إضافيتين. وأضاف بعد مغادرته المستشفى "كان يتناول الكثير من الأدوية ولا يستطيع الكلام بوضوح".
بدوره، قال مصطفى الأسعد، ابن عم الأحمد، في حديث لقناة "العربي" ، إن ما قام به الأحمد كان عملًا إنسانيًا.
وأضاف: "عندما رأى الناس يُقتلون بالرصاص، لم يستطع تحمّل المشهد. كان فعلًا إنسانيًا نابعًا من ضميره، وهو فخور بأنه أنقذ ولو حياة واحدة".
وتابع: "قال لي إنه لم يستطع تحمّل رؤية هذا المشهد، وإن الله أعطاه القوة ليوقف الشخص الذي كان يقتل الناس".
وأشار الأسعد إلى أن ابن عمه مواطن أسترالي من أصل سوري، من مدينة إدلب، مؤكدًا أنه لا يندم على ما فعله، وقال "الله أعطاني الشجاعة".
من جهتهما، أفاد والدا الأحمد، محمد فاتح الأحمد وملكة حسن الأحمد، في حديث لقناة ABC News، أن ابنهما أصيب بأربع أو خمس رصاصات في كتفه خلال الاشتباك. وقال والده "ابني بطل. لقد خدم في الشرطة، ولديه شغف كبير بالدفاع عن الناس".
ووصل الوالدان إلى سيدني قبل أشهر قليلة قادمين من سوريا، وكانا منفصلين عن ابنهما منذ انتقاله إلى أستراليا عام 2006. وقالت والدته إنها أمضت وقتًا طويلًا "تلوم نفسها وتبكي" عند تلقيها خبر إصابته. وأضافت, "رأى الناس يموتون، وعندما نفدت ذخيرة مطلق النار، انتزع السلاح منه، لكنه أُصيب. ندعو الله أن يشفيه".
وأوضح والداه أن الأحمد كان يحتسي القهوة مع أحد أصدقائه في بوندي عندما سمع إطلاق النار، مؤكدين أنه كان سيفعل أي شيء لحماية أي شخص. وقال والده "لم يفكّر في خلفية الناس الذين كان ينقذهم، ولا في هوية من كانوا يسقطون في الشارع. لا يفرّق بين جنسية وأخرى، خصوصًا هنا في أستراليا".
وفي سياق متصل، زارت لبابة الحميدي الكاهل، مديرة الإعلام في جمعية الأستراليين من أجل سوريا، الأحمد بعد ظهر الاثنين، وقدّمت له صينية طعام وباقة زهور. وقالت إنه خضع لعملية جراحية ناجحة ويتعافى، لكنه لا يزال يعاني من الألم. وأضافت, "ما فعله يجعله بطلًا خارقًا بحق".
وأشارت الكاهل، التي لم تكن قد التقت بالأحمد قبل الحادثة، إلى أن الجالية السورية "فخورة جدًا" به، بحسب "الغارديان", وقالت: "أثناء متابعتنا للأخبار، شعر كثيرون منا أنه يبدو سوريًا، ثم تبيّن فعلًا أنه سوري".
وأضافت أن الأحمد ينتمي إلى "عائلة رائعة" تحيطه بالرعاية والدعاء.
وختمت بالقول: "هذا السلوك ليس غريبًا على السوريين. نحن جالية مترابطة وداعمة، وقد رفضنا الظلم والاضطهاد في سوريا. ليس غريبًا أن يقول أحدنا: لن أقف مكتوف الأيدي، سأضحّي بحياتي للمساعدة. كمسلمين، نخشى دائمًا أن يُساء إلينا بعد كل هجوم، لكن ديننا دين سلام، ونحن شعب مسالم، وما فعله الأحمد يثبت ذلك".