المحلية

ليبانون ديبايت
الأربعاء 17 كانون الأول 2025 - 07:01 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

جعجع يختبر وهم الأكثرية بـ 19 نائباً

جعجع يختبر وهم الأكثرية بـ 19 نائباً

"ليبانون ديبايت"


في هذا المشهد النيابي المتفجّر، لم يعد الخلل في مقاربة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مجرّد سوء تقدير سياسي، بل بات أقرب إلى نزعة سلطوية مقنّعة، يتصرّف من خلالها وكأن امتلاكه 19 نائباً يمنحه حقّ التحكّم بسلوك بقية القوى، ولا سيّما الكتل الصغيرة والنواب المستقلين، وكأن هؤلاء مجرد أرقام احتياط تُستدعى عند الحاجة وتُقصى عند الاختلاف.


يتصرّف جعجع اليوم بعقلية الكتلة الكبرى، فيما الواقع النيابي يضعه في حجمٍ متوسط لا يتيح له لا الفرض ولا الإملاء. والأخطر من ذلك، أنّه يتعامل مع القوى محدودة العدد، ومع المستقلين تحديداً، بمنطق الوصاية السياسية، إمّا الانخراط الكامل في خطابه التصعيدي، وإمّا التعرّض لاتهامات مبطّنة بالتخاذل أو بخدمة الخصم. هذا السلوك لا يشبه قيادة معارضة ناضجة، بل يعكس عقلية إقصائية عاجزة عن فهم طبيعة النظام اللبناني وتعقيد تركيبته النيابية.


لقد دخل سمير جعجع منطق التعطيل تحت عنوان تعديل قانون الانتخابات، ورفع سقف المواجهة إلى حدود كسر المؤسسات، لكنه سرعان ما علق داخل هذا الخيار، عاجزاً عن الخروج منه من دون كلفة سياسية. فالتعطيل، الذي اعتبره ورقة ضغط، تحوّل إلى فخّ، لم يفرض تعديل القانون، ولم يحافظ على جبهة نيابية واسعة، بل بدأ يفقد الحلفاء المحتملين تباعاً.


في لبنان، من يمتلك 19 نائباً لا يمكنه أن يتصرّف كمن يملك أكثرية حاسمة. فالسياسة هنا لا تُدار بالأمر الواقع، ولا بالصوت المرتفع، ولا عبر تحميل الآخرين مسؤولية الفشل. القوى الصغيرة والنواب المستقلون ليسوا هامشاً، بل غالباً ما يشكّلون بيضة القبان، ويملكون القدرة على ترجيح كفّة الاشتباك أو تفريغه من مضمونه. تجاهل هذا الواقع ليس شجاعة سياسية، بل إنكار صارخ لقواعد اللعبة.


والنتيجة أنّ جعجع، بدلاً من أن يقود معارضة ذكية عابرة للأحجام، اختار معارضة صدامية ضيّقة، حوّلها إلى مواجهة ثنائية مع الرئيس نبيه بري، وأسقط عنها بعدها الوطني والمؤسساتي. وبدلاً من جمع المعترضين على حدٍّ أدنى مشترك، دفعهم إلى التمايز عنه، لا حبّاً بالخصم، بل رفضاً للفوقية والاستقواء العددي.


فالسياسة في لبنان لا تُربح بمنطق "إمّا معي أو ضدي"، ولا بالتعطيل المفتوح بلا أفق. ومن لا يدرك حدود حجمه، ولا يحترم أوزان الآخرين مهما صغرت، ينتهي معزولاً، ولو ظنّ للحظة أنّه يملك مفاتيح التعطيل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة