أكدت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، ردًا على سؤال حول إضراب أساتذة التعليم الرسمي المقرر اليوم الأربعاء، أن الأساتذة يدركون أن "قلبها وقلقها هما على الطلاب"، مشيرة إلى أن هذا القلق مشترك بينها وبينهم.
وقالت كرامي: "أنا دائمًا قلقة، وللأسف كلما أردنا أن نعبّر عن آرائنا حيال أي دعوة للإضراب، تكون الضحية الأولى هم الطلاب في المدارس. نحن مع الأساتذة وفي حوار مستمر معهم لنرى الطريقة المثلى للحفاظ على حقوقهم وقدرتهم على التعبير عن آرائهم، وفي الوقت نفسه حماية طلابنا من التعطيل، وخصوصًا في القطاع الرسمي، حيث نحن بحاجة لكل دقيقة".
كلام الوزيرة جاء خلال زيارة انتهت بجولة ميدانية على الأقسام التربوية في أزهر البقاع، بحضور مفتي زحلة والبقاع الدكتور علي الغزاوي، ومفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، ومستشاري الوزيرة فهمي كرامي ومها ضاهر، وأمين سر دار الإفتاء الشيخ عاصم الجراح.
وشكرت كرامي دار الإفتاء على الدعوة والفرصة والتشجيع الذي جاء بعد زيارتها لسماحة مفتي الجمهورية، مؤكدة أنها تمثل في هذه الحكومة صوت البيئة والمجتمع الذي ترعرعت فيه. وأعربت عن اعتزازها بوجودها في الحكومة التي شكّلها رئيس الحكومة نواف سلام، تحت عنوان بيان صريح وتعهد واضح بأن الحكومة جاءت للخدمة، ولمساعدة لبنان على التعافي والإنقاذ، والعمل تحت غطاء اتفاق الطائف.
وأكدت كرامي أنها نشأت في بيت كانت هويته العربية مصدر فخر واعتزاز دائمين، سواء في المؤسسة التربوية التي تعلمت فيها أو في الإرث والثقافة الإسلامية التي ساهمت في تعزيز الثقافة العربية. وأضافت أن وجودها على رأس وزارة التربية لا يقتصر على مهام وزارية إدارية، بل يحمل قيمًا تسترشد بكونها ممثلة لشريحة من هذا المجتمع وموظفة في هذه الدولة.
وشددت على أن تميّز لبنان يكمن في قدرته على التعايش، وإثبات أن هذه المساحة الجغرافية الصغيرة، التي تجمع مدارس روحية وطوائف متعددة، قادرة على العيش معًا من خلال عقد سياسي واجتماعي يُترجم في تربية الأجيال ضمن بيئة صحية.
وتابعت: "نحن أبناء جيل عاش ظروفًا صعبة وحروبًا متتالية، نحن أبناء جيل الحرب، وهذا زادني تصميمًا. تشرفت بهذه المهمة لنخرج من الحلقة المفرغة، ونتكاتف كأبناء مجتمع لبناني، لننطلق إلى الأمام ونترجم تطلعاتنا ونحل مشكلاتنا".
وأثنت كرامي على دور المؤسسات التربوية الخاصة ومؤسسات دار الفتوى، مؤكدة ضرورة الحفاظ عليها عبر تحسين أسس الشراكة، واحترام خصوصيتها، والتنبه إلى أهمية تناغمها مع مسيرة الدولة والوطن بما يعزز دور الدولة. ولفتت إلى أن التحدي الكبير بعد الأزمات التي مرّ بها لبنان يتمثل في إعادة تقييم دور هذه المؤسسات التي حملت مسؤوليات كبيرة، مشددة على أن دور الدولة التربوي يكمن في وضع المعايير وتفعيل آليات رقابية تحترم هذه المعايير ضمن إطار جامع تكون فيه الوزارة شريكًا أساسيًا.

وأكدت أن وزارة التربية، رغم إنهاكها بالأزمات، تسعى إلى أن تكون استباقية وتأسيسية، عبر تفعيل أو تعديل القوانين ودراسة الآليات المناسبة، انطلاقًا من فهم هموم النسيج الاجتماعي وخلق لحمة وطنية تعزز دور الدولة.
من جهته، رحّب مفتي زحلة والبقاع الدكتور علي الغزاوي بزيارة الوزيرة كرامي إلى مؤسسات دار الفتوى التعليمية في أزهر البقاع، والتي جاءت بناءً على توجيهات سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور عبد اللطيف دريان، معتبرًا أن وزارة التربية تعني جميع اللبنانيين، وأن الوزيرة تنتمي إلى بيت كريم كان له دور أساسي في صناعة هذا الوطن وإدارته.
وأعرب الغزاوي عن أمله في استمرار عطاء هذا البيت من خلال وجودها في الوزارة، داعيًا إلى تقديم التضحيات من أجل بقاء الوطن، وإلى ترسيخ أخلاقيات تعيد إلى المجتمع اللبناني قيمه السليمة، مؤكدًا صورة لبنان كمساحة تلاقٍ وحوار لا ساحة حرب ودمار.
وشدد على أهمية المناهج التربوية في صناعة عقول الأجيال، بما يعكس الهوية والقيم، مذكّرًا بأن بيت الوزيرة كرامي حمل ولا يزال قضية الأمة، وفي طليعتها قضية فلسطين. كما أكد أن مرجع هذا البلد هو اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، داعيًا إلى إدارة سليمة تحفظ الحقوق، ولا سيما حقوق الأساتذة والموظفين.
وتطرق الغزاوي إلى ملف التفرغ الجامعي، آملًا بتحقيق العدالة على أساس العطاء، ومؤكدًا أن تكريم الوطن يكون بتكريم العقول والعلماء، وأن دار الفتوى لا تطلب حصة لأحد، بل تسعى إلى حفظ الحقوق لخدمة الوطن.
واختُتمت الجولة بتقديم دار الفتوى درعًا تكريميًا للوزيرة كرامي.